للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجتهداً فلا يجوز له أن يحكم أو يفتي إلا بالراجح عنده، وإن كان مقلداً جاز له أن يفتي بالمشهور في مذهبه، وأن يحكم به، وإن لم يكن راجحاً عنده، مقلداً في رجحان القول المحكوم به إمامه الذي يقلده، كما يقلده في الفتيا.

وقال أيضاً: أما الحكم أو الفتيا بما هو مرجوح فخلاف الإجماع (١). لكن ناقش الشيخ عليش هذا الإجماع فقال: ولعل هذا الإجماع ـ على تقدير ثبوته ـ إنما يكون حيث تبع القاضي أو المفتي في تقليد الشاذ هواه، فإن أبغض شخصاً أو كان من ذوي الخمول، شدد عليه، فقضى عليه وأفتاه بالمشهور، وإن أحبه أو كان له عليه منة، وكان من أصدقائه أو أقاربه واستحيا منه، لكونه من ذوي الوجاهة أو أبناء الدنيا، أفتاه، أو قضى له بالشاذ الذي فيه رخصة (٢).

ثم ذكر الشيخ عليش في فتاويه عند الكلام على موضوع التخير بين الأقوال: الصحيح إن كان المقلد أهلاً للنظر في طرق الترجيح وإدراك مدارك التقديم والتصحيح، فإنما الواجب عليه في القولين أو الأقوال إن كانت لشخص واحد ألا يعمل أو يفتي أو يحكم إلا بالراجح عنده (٣).

ثم تعقب الشيخ عليش (٤) عبارة القرافي في أنه منع المجتهد من الحكم والفتيا إلا بالراجح عنده، وأجاز للمقلد أن يفتي بمشهور مذهب من قلده حتى ولو كان شاذاً مرجوحاً في نظره. ثم قال عليش: لا دليل فيه على جواز العمل بغير الراجح، لأنه لا يلزم من العمل بالمرجوح عنده الراجح في نظر إمامه أو عكسه العمل بالمرجوح في نظرهما معاً.


(١) الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام: ص ٧٩، ٨٠، تبصرة الحكام: ٦٦/ ١، فتاوى الشيخ عليش: ٦٤/ ١،٦٨.
(٢) فتح العلي المالك: ٦٢/ ١.
(٣) فتاوى الشيخ عليش: ٦٥/ ١.
(٤) المرجع السابق: ٦٨/ ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>