للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكراهة الكلام، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة، والإمام يخطب، فقد لغوت» (١) وقوله عليه السلام: «ومن قال: صَهْ، فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له» (٢) قال العلماء: معناه لا جمعة له كاملة للإجماع على سقوط فرض الوقت عنه. وروى أحمد عن ابن عباس حديثاً: «من تكلم يوم الجمعة، والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفاراً، والذي يقول له: أنصت، ليست له جمعة».

وعدم حرمه الكلام في الخطبة: للأخبار الدالة على جوازه، كخبر الصحيحين عن أنس: «بينما النبي صلّى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، فقام أعرابي، فقال: يا رسول الله، هلك المال، وجاع العيال، فادع الله لنا، فرفع يديه ودعا» فلم ينكر عليه الكلام، ولم يبين له وجوب السكوت، والحاضرون كلهم في ذلك سواء.

واستثنى الشافعية ومثلهم الحنابلة من الإنصات أموراً: منها إنذار أعمى من الوقوع في بئر، أو من دب إليه عقرب مثلاً، ويستحب أن يقتصر على الإشارة إن أغنت، ومنها: تحية المسجد للداخل بركعتين خفيفتين يقتصر فيهما على الواجبات، ومنها تشميت العاطس إذا حمد الله تعالى، وحمد العاطس إذا عطس خفية، ومنها رد السلام، وإن كان البدء به للداخل مكروهاً، لأن رد السلام واجب، ومنها: الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلم عند سماع ذكره.

وأباح الحنابلة أيضاً: الكلام إذا شرع الخطيب في الدعاء؛ لأنه يكون قد فرغ من أركان الخطبة، والدعاء لا يجب الإنصات له، وأباحوا لمن بعد عن الخطيب ولم يسمعه الاشتغال بالقراءة والذكر والصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلم خفية، وفعله أفضل من


(١) رواه الجماعة إلا ابن ماجه عن أبي هريرة (نيل الأوطار: ٢٧١/ ٣).
(٢) رواه أحمد وأبو داود عن علي (المصدر السابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>