للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينتهي السفر بوصوله سور وطنه، أو عمرانه إن كان غير مسور.

وقال الحنابلة (١): يقصر المسافر إذا فارق خيام قومه، أو بيوت قريته العامرة، سواء أكانت داخل السور أم خارجه، بما يعد مفارقة عرفاً؛ لأن الله تعالى إنما أباح القصر لمن ضرب في الأرض، وسواء اتصل بها بيوت خربة أو صحراء، فإن اتصل بالبيوت الخربة بيوت عامرة أو بساتين يسكنها أهلها ولو ضيفاً مثلاً وقت النزهة، فلا يقصر إلا بمفارقة الجميع من الخراب والعامر والبساتين المسكونة.

ولو كان للبلد محال، كل محلة منفردة عن الأخرى، كبغداد في الماضي، فمتى خرج من محلته، أبيح له القصر إذا فارق أهله. وإن كان بعضها متصلاً ببعض كاتصال أحياء المدن المعاصرة، لم يقصر حتى يفارقها جميعها.

ولو كانت قريتان متدانيتين (متقاربتين)، واتصل بناء إحداهما بالأخرى، فهما كالواحدة، وإن لم يتصل بناؤهما، فلكل قرية حكم نفسها.

والملاح الذي يسير بسفينته وليس له بيت سوى سفينته، فيها أهله وتنوره وحاجته، لا يباح له الترخص.

٤ - أن يقصد من ابتداء السفر موضعاً معيناً، ويعزم أن يقطع مسافة القصر من غير تردد فلا قصر ولا فطر لهائم: وهو من خرج على وجهه لا يدري أين يتوجه، ولا لمن خرج يطلب آبقاً أو حيواناً هارباً، أو غريماً يرجع متى وجده، ولا لسائح لا يقصد مكاناً معيناً، كما لا قصر لمن طاف الأرض كلها من غير قصد إلى قطع مسافة القصر المطلوبة؛ لأنه لم يقصد قطع المسافة، وكذلك لا يقصر عند الجمهور إذا نوى قطع المسافة ونوى الإقامة أثناءها بما يقطع السفر، كما سنبين.


(١) المغني:٢٦١/ ٢، كشاف القناع: ٥٩٨/ ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>