للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثلج والبرد كالمطر في ذلك. أما الطل والمطر الخفيف الذي لا يبل الثياب فلا يبيح.

وأما الوحل بمجرده فهو عذر في الأصح؛ لأن المشقة تلحق بذلك في النعال والثياب، كما تلحق بالمطر؛ لأن الوحل يلوث الثياب والنعال، ويعرض الإنسان للزلق فيتأذى به بنفسه وثيابه، وذلك أعظم من البلل.

وأما الريح الشديدة في الليلة المظلمة الباردة: فيبيح الجمع في الأصح؛ لأن ذلك عذر في الجمعة والجماعة، روى نافع عن ابن عمر، قال: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم ينادي مناديه في الليلة المطيرة أو الليلة الباردة ذات الريح: صلوا في رحالكم» (١).

وهذه الأعذار كلها تبيح الجمع تقديماً وتأخيراً، حتى لمن يصلي في بيته، أو يصلي في مسجد ولو كان طريقه مسقوفاً، ولمقيم في المسجد ونحوه كمن بينه وبين المسجد خطوات يسيرة، ولو لم ينله إلا مشقة يسيرة.

وفعل الأرفق من جمع التقديم أو التأخير لمن يباح له أفضل بكل حال، لحديث معاذ السابق، المتضمن التخيير بحسب الحاجة بين التقديم والتأخير (٢)، وروى مالك عن معاذ: «وأخر النبي صلّى الله عليه وسلم الصلاة يوماً في غزوة تبوك، ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعاً، ثم دخل ثم خرج، فصلى المغرب والعشاء جميعاً» (٣)، فإن استويا فالتأخير أفضل لأنه أحوط، وفيه خروج من الخلاف، وعمل بالأحاديث كلها.


(١) رواه ابن ماجه.
(٢) رواه أحمد وأبو داود والترمذي. وروى الشافعي وأحمد نحوه عن ابن عباس (نيل الأوطار: ٢١٣/ ٣).
(٣) قال ابن عبد البر: هذا حديث ثابت الإسناد.

<<  <  ج: ص:  >  >>