للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلّى الله عليه وسلم إلى المسجد، فقام وكبر، وصف الناس وراءه» (١). ويصلي بالناس الإمام الذي يصلِّي بهم الجمعة.

وأجاز الحنابلة والشافعية: صلاتها فرادى؛ لأنها نافلة، ليس من شرطها الاستيطان، فلم تشترط لها الجماعة كالنوافل. وقال الحنفية: إن لم يحضر إمام الجمعة صلاها الناس فرادى ركعتين أو أربعاً، في منازلهم.

وأما صلاة خسوف القمر، ففيها رأيان: قال الحنفية والمالكية: إنها تصلى فرادى (أفذاذاً) كسائر النوافل؛ لأن الصلاة بجماعة في خسوف القمر لم تنقل عن النبي صلّى الله عليه وسلم، مع أن خسوفه كان أكثر من كسوف الشمس، ولأن الأصل أن غير المكتوبة لا تؤدى بجماعة، قال النبي صلّى الله عليه وسلم: «صلاة الرجل في بيته أفضل إلا المكتوبة» إلا إذا ثبت بالدليل كما في العيدين وقيام رمضان وكسوف الشمس، ولأن الاجتماع بالليل متعذر، أو سبب الوقوع في الفتنة.

وتصلى عند الشافعية والحنابلة صلاة الخسوف جماعة كالكسوف، لما روي عن ابن عباس أنه صلى بالناس في خسوف القمر، وقال: صليت كما رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم (٢)، ولحديث محمود بن لبيد: «فإذا رأيتموها كذلك فافزعوا إلى المساجد» (٣).

وهذا الرأي أولى؛ إذ لا فرق بين الخسوف والكسوف، وتسقط عمن له عذر في التخلف عن أداء الجماعة.

أما سبب الاختلاف بين الرأيين: فهو اختلافهم في مفهوم قوله صلّى الله عليه وسلم: «إن


(١) متفق عليه.
(٢) رواه الشافعي في مسنده عن الحسن البصري (نيل الأوطار:٣٣٣/ ٣).
(٣) رواه أحمد والحاكم وابن حبان (المصدر السابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>