للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعاً ـ خطبة الاستسقاء: قال أبو حنيفة (١) لاخطبة للاستسقاء؛ لأنها تبع للجماعة، ولا جماعة لها عنده، وإنما دعاء واستغفار يستقبل فيهما الإمام القبلة. قال ابن عباس حينما سئل عن صلاة الاستسقاء: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم متواضعاً متبذلاً (٢)، متخشعاً، متضرعاً، فصلى ركعتين، كما يُصلَّى في العيد، لم يخطب خطبتكم هذه (٣).

وقال الصاحبان: يصلي الإمام بالناس ركعتين يجهر فيهما بالقراءة، ثم يخطب، ويستقبل القبلة بالدعاء. ويخطب خطبتين بينهما جلسة كالعيد عند محمد، وخطبة واحدة عند أبي يوسف، ويكون معظم الخطبة الاستغفار.

وقال الجمهور (٤): يخطب الإمام للاستسقاء بعد الصلاة على الصحيح خطبتين كصلاة العيد عند المالكية والشافعية، لقول ابن عباس: صنع رسول الله صلّى الله عليه وسلم في الاستسقاء كما صنع في العيدين، وخطبة واحدة عند الحنابلة؛ لأنه لم ينقل أنهصلّى الله عليه وسلم خطب بأكثر منها.

ودليلهم على طلب الخطبة وكونها بعد الصلاة: حديث أبي هريرة: «خرج نبي الله صلّى الله عليه وسلم يوماً يستسقي، فصلى بنا ركعتين بلا أذان ولا إقامة، ثم خطبنا، ودعا الله عز وجل، وحول وجهه نحو القبلة رافعاً يديه، ثم قلب رداءه، فجعل الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن» (٥).


(١) فتح القدير مع العناية:٤٣٩/ ١ ومابعدها، البدائع:٢٨٣/ ١ ومابعدها، اللباب: ١٢٢/ ١ ومابعدها.
(٢) أي لا بساً ثياب البذلة (المهنة والعمل) تاركاً ثياب الزينة، تواضعاً لله تعالى.
(٣) رواه أحمد والنسائي وابن ماجه (نيل الأوطار:٦/ ٤).
(٤) الشرح الصغير:٥٣٩/ ١، القوانين الفقهية: ص٨٧، بداية المجتهد:٢٠٨/ ١، المجموع:٧٥/ ٥ ومابعدها، مغني المحتاج:٣٢٤/ ١ ومابعدها، الشرح الكبير للدردير:٤٠٦/ ١، كشاف القناع:٨٠/ ٢، المغني:٤٣٣/ ٢ - ٤٣٦.
(٥) رواه أحمد وابن ماجه (نيل الأوطار: ٤/ ٤) وروى أحمد مثله عن عبد الله بن زيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>