للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صدقة} [التوبة:١٠٣/ ٩] أمر الله نبيه بأخذ الزكاة، فدل أن للإمام المطالبة بذلك والأخذ. ودل ذكر «العاملين عليها» في المصارف على أن للإمام مطالبة أرباب الأموال بالصدقات.

وكان النبي يبعث المصدِّقين (الجباة) إلى أحياء العرب والبلدان والآفاق لأخذ الصدقات من الأنعام والمواشي في أماكنها (١).

وتابعه على ذلك الخلفاء الراشدون، وقال أبو بكر رضي الله عنه لما امتنعت العرب عن أداء الزكاة: «والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، لحاربتهم عليه» (٢).

لكن المالكية قالوا: إذا كان الإمام عدلاً، وجب دفع الزكاة إليه، وإن كان غير عدل، فإن لم يتمكن المزكي صرفها عنه، دفعت إليه وأجزأت. وإن تمكن صرفها عنه دفعها صاحبها لمستحقها. ويستحب ألا يتولى دفعها بنفسه خوف الثناء.

وقال الشافعي في الجديد (٣): يجوز للمزكي أن يفرق زكاة الأموال الظاهرة بنفسه كزكاة الباطن؛ لأنها زكاة، فجاز أن يفرقها بنفسه كزكاة المال الباطن.

وقال الحنابلة (٤): يستحب للإنسان أن يلي تفرقة الزكاة بنفسه، ليكون على يقين من وصولها إلى مستحقها، سواء أكانت من الأموال الظاهرة أم الباطنة. قال أحمد: أعجب إلي أن يخرجها، وإن دفعها إلى السلطان فهو جائز. ودليلهم أن


(١) ثبت ذلك في حديث أنس عن أبي بكر عند أحمد والنسائي وأبي داود والبخاري، وعند الخمسة عن معاذ بن جبل، وعن رواة آخرين (نيل الأوطار: ١٢٤/ ٤ ومابعدها، ١٣٢ ومابعدها).
(٢) رواه الجماعة إلا ابن ماجه عن أبي هريرة (نيل الأوطار: ١١٩/ ٤).
(٣) المهذب: ١٦٨/ ١.
(٤) المغني: ٦٤١/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>