للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القرطبي: قد ورد حديث ينص على جواز عتق الرقبة، وإعانة المكاتب معاً، أخرجه أحمد والدارقطني عن البراء بن عازب قال: جاء رجل إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، فقال: «دلَّني على عمل يقربني من الجنة ويباعدني من النار، قال: لئن كنت أقصرت الخطبة، لقد أعرضت المسألة، أعتق النسمة وفك الرقبة: فقال: يا رسول الله، أوليستا واحدة؟ قال: لا، عتق النسمة أن تنفرد بعتقها، وفك الرقبة: أن تعين في ثمنها». وناقشه الحنفية بقولهم: ليس فيه ما يستلزم كون هذا هو معنى «وفي الرقاب» المذكور في الآية.

ويؤيده في المكاتب حديث آخر رواه الخمسة إلا أبا داود (١) عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف».

وأما فك الأسارى: فقال أصبغ وابن القاسم: لا يجوز صرف الزكاة في فكاك الأسرى. والمشهور عند المالكية أنه لا تجزئ الزكاة في فك أسير، وهذا قول الحنفية والشافعية. وقال ابن حبيب وابن عبد الحكم: يجوز؛ لأنها رقبة ملكت بملك الرق، فهي تخرج من رق إلى عتق، وكان ذلك أحق وأولى من فك الرقاب الذي بأيدينا؛ لأنه إذا كان فك المسلم عن رق المسلم عبادة، وجائزاً من الصدقة، فأحرى وأولى أن يكون ذلك في فك المسلم عن رق الكافر وذله. وهذا قول الحنابلة.

[تفصيل المذاهب الفقهية في سهم «في الرقاب» وأدلتهم]

اتجهت المذاهب الفقهية اتجاهين في بيان سهم «في الرقاب» الاتجاه الأول المضيق للحنفية والشافعية: وهو قصر صرف هذا السهم على المكاتبين، والاتجاه الثاني الموسع ـ للمالكية والحنابلة: وهو صرف هذا السهم في تحرير الرقاب وإعتاق


(١) الخمسة: أحمد وأصحاب السنن الأربعة. ورواه أيضاً الحاكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>