للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - إن شراء الرقبة لتعتق أولى من إعانة المكاتب؛ لأنه قد يعان ولا يعتق، لأن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم، ولأن الشراء يتيسر في كل وقت، بخلاف الكتابة.

[الرأي الراجح]

يتبين من مقارنة أدلة المذاهب المتقدمة رجحان رأي أصحاب الاتجاه الثاني؛ لأن قوله تعالى: {وفي الرقاب} [التوبة:٦٠/ ٩] مطلق، والمطلق يجري على إطلاقه. والذي أرجحه من الآراء هو قول ابن عباس وابن عمر والحسن البصري والزهري وأبي عبيد ومذهب الحنابلة: وهو جعل «في الرقاب» في معونةالمكاتبين وفي عتق الأرقاء جميعاً وفي فكاك الأسرى، عملاً بإطلاق التعبير القرآني: «في الرقاب». قال ابن عباس: الرقاب أعم من المكاتبين، فلا بأس أن تعتق الرقبة من الزكاة. ولا خوف من أن يصير إلى المزكي ميراث عتيقة بالولاء، لأن صاحب الولاء يتحمل دية وأرش وتعويض الجنايات التي يرتكبها المعتَق، فيكون أحدهما بالآخر، أي الغنم بالغرم. وإذا كان يجوز عود الزكاة إلى الأقارب ميراثاً للمزكي في سنة النبي صلّى الله عليه وسلم، فلا مانع من رجوع الولاء للمزكي، قال أبو عبيد: فإذا كانت السعة منه صلّى الله عليه وسلم في رجوع الصدقة بعينها ميراثاً للمزكي، فرجوع وراثة الولاء أوسع وأحرى بالجواز (١).

وهذا الاتجاه يجمع بين الآراء المختلفة، وهو الظاهر وهو الحق، لأن الآية تحتمل الأمرين (المكاتب والرقيق القن) وحديث البراء المتقدم فيه دليل على أن فك الرقاب غير عتقها، وعلى أن العتق وإعانة المكاتبين على مال الكتابة من الأعمال المقربة من الجنة، والمبعدة من النار.


(١) الأموال: ص ٧٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>