للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال جمهور أهل السنة والجماعة (١): للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة أو صوماً أو صدقة أو تلاوة قرآن، بأن يقول: اللهم اجعل ثواب ما أفعل لفلان، لما روي أن النبي صلّى الله عليه وسلم «ضحى بكبشين أملحين، أحدهما عن نفسه، والآخر عن أمته، ممن أقر بوحدانية الله تعالى، وشهد له بالبلاغ» (٢) فإنه جعل تضحية إحدى الشاتين لأمته. ولما روي أن رجلاً سأل النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: «كان لي أبوان أبرهما حال حياتهما، فكيف لي ببرهما بعد موتهما؛ فقال له عليه الصلاة والسلام: إن من البر بعد البر: أن تصلي لهما مع صلاتك وأن تصوم لهما مع صيامك» (٣).

وأما قوله تعالى: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} [النجم:٣٩/ ٥٣] فيراد به: إلا إذا وهبه له، كما حققه الكمال بن الهمام، أو أنه ليس له من طريق العدل، وله من طريق الفضل، ويؤكده مضمون آية أخرى: {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذ ريتَهم} [الطور:٢١/ ٥٢].

وأما حديث «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث» فلا يدل على انقطاع عمل غيره. وأما حديث: «لا يصوم أحد عن أحد، ولا يصلي أحد عن أحد» فهو في حق الخروج عن العهدة، لا في حق الثواب.

وليس في ذلك شيء مما يستبعد عقلاً، إذ ليس فيه إلا جعل ما له من الأجر


(١) المراجع السابقة.
(٢) روي فيه سبعة أحاديث وهي عن عائشة وأبي هريرة، وجابر وأبي رافع وحذيفة بن أسيد الغفاري وأبي طلحة الأنصاري وأنس، فحديث عائشة وأبي هريرة رواه ابن ماجه (انظر نصب الراية:١٥١/ ٢ - ١٥٤).
(٣) رواه الدارقطني، ويؤكده مارواه أيضاً عن علي: «من مر على المقابر وقرأ: قل هو الله أحد، إحدى عشرة مرة، ثم وهب أجرها للأموات، أعطي من الأجر بعدد الأموات» وروى أبو داود عن معقل بن يسار: «اقرؤوا على موتاكم سورة يس».

<<  <  ج: ص:  >  >>