للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجزئ تأخر طواف الإفاضة إلى آخر شهر ذي الحجة.

فالمدة من بدء شوال لما قبيل فجر يوم الأضحى: وقت لجواز ابتداء الإحرام بالحج. ومن طلوع فجر الأضحى لآخر ذي الحجة: وقت لجواز التحلل من الحج. والأفضل لأهل مكة الإحرام من أول ذي الحجة على المعتمد.

وأشهر الحج عند الحنفية والحنابلة (١): شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة، لما روي عن العبادلة الأربعة (ابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر، وابن الزبير) ولقول النبي صلّى الله عليه وسلم: «يوم الحج الأكبر: يوم النحر» (٢)، فكيف يجوز أن يكون يوم الحج الأكبر ليس من أشهره؟ ولأن يوم النحر فيه ركن الحج، وهو طواف الزيارة، وفيه كثير من أفعال الحج، كرمي جمرة العقبة والنحر والحلق والطواف والسعي والرجوع إلى منى، ولأن الحج يفوت بمضي عشر ذي الحجة، ومع بقاء الوقت لا يتحقق الفوات.

وهذا يدل على أن المراد من قوله تعالى: {الحج أشهرٌ معلومات} [البقرة:١٩٧/ ٢] شهران وبعض الثالث، لا كله. وما بعد عشر ذي الحجة ليس من أشهره؛ لأنه ليس بوقت لإحرامه ولا لأركانه، فهو كالمحرَّم.

ولا يمتنع التعبير بلفظ الجمع عن شيئين وبعض الثالث، كالقروء الثلاثة يحتسب منها الطهر الذي طلقها فيه، وقوله تعالى في الآية السابقة: {فمن فرض فيهن الحج} أي في أكثرهن.

فإن قدم الإحرام بالحج على هذه الأشهر، جاز إحرامه، وانعقد حجاً، ولا ينقلب عمرة، لعموم قوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله} [البقرة:١٩٦/ ٢]


(١) فتح القدير: ٢٢٠/ ٢ ومابعدها، الكتاب مع اللباب: ١٩٨/ ١، المغني: ٢٧١/ ٣، ٢٩٥، كشاف القناع: ٤٧٢/ ٢.
(٢) رواه أبو داود، وروى البخاري أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم النحر: «هذا يوم الحج الأكبر».

<<  <  ج: ص:  >  >>