للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفست فلا غسل عليها بعد الإحرام، وإنما يلزمها أن تشد الحفاظ الذي تضعه كل أنثى على محل الدم، لمنع تسربه للخارج. ثم تفعل سائر مناسك الحج إلا الطواف بالبيت؛ لأن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أمر عائشة رضي الله عنها أن تصنع ما يصنع الحاج غير الطواف بالبيت (١). وقال في حديث صحيح لأسماء بنت عميس: «اصنعي ما يصنع الحاج غير ألا تطوفي بالبيت».

وعلى هذا فلا تلزم بطواف القدوم ولا بقضائه؛ لأنه سنة عند الجمهور (غير المالكية) وإذا كانت متمتعة ثم حاضت قبل الطواف للعمرة، لم يكن لها أن تطوف بالبيت؛ لأن الطواف بالبيت صلاة، وهي ممنوعة من دخول المسجد، فإن خشيت فوات الحج أحرمت بالحج مع عمرتها، وتصير قارنة عند الجمهور، وقال أبو حنيفة: ترفض العمرة وتهل بالحج، عملاً بحديث عائشة عند مسلم: «انقضي رأسك، وامتشطي، وأهلي بالحج، ودعي العمرة» ثم قال عليه السلام لها بعد أن اعتمرت من التنعيم: «وهذه عمرة مكان عمرتك» فدل كل هذا على أنها رفضت عمرتها وأحرمت بحج.

وحجة الجمهور: حديث جابر أنه صلّى الله عليه وسلم أمر عائشة أن تهل بالحج، فأصبحت قارنة، حتى إذا طهرت طافت بالكعبة، وبالصفا والمروة. ثم قال لها: «قد حللت من حجتك وعمرتك» والاعتمار من التنعيم لم يأمرها به النبي صلّى الله عليه وسلم، وإنما فعلت ذلك زيارة زارت بها البيت، وإدخال الحج على العمرة جائز بالإجماع من غير خشية الفوات، فمع خشية الفوات أولى. ولا يصح الخروج من الحج أو العمرة بعد الإحرام بنية الخروج، وإنما يخرج منها بالتحلل بعد فراغها. ومعنى «دعي


(١) متفق عليه عن جابر، وروى مسلم عن عائشة أن النبي صلّى الله عليه وسلم أمرها بالإعراض عن أفعال العمرة، وأن تحرم بالحج، فتصير قارنة وتقف بعرفات، وتفعل المناسك كلها إلا الطواف، فتؤخره حتى تطهر (شرح مسلم: ١٣٤/ ٨ - ١٤٠، نيل الأوطار: ٣١٨/ ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>