للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على المشهور؛ لأن الحلق أفضل من التقصير للذكر، والتفضيل إنما يقع في العبادات دون المباحات، وروى ابن حبان في صحيحه أنه صلّى الله عليه وسلم قال: «لكل من حلق رأسه، بكل شعرة سقطت: نور يوم القيامة».

ولا حلق على المرأة بالاتفاق، وإنما عليها التقصير، فهو سنة المرأة، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «ليس على النساء الحلق، إنما على النساء التقصير» (١) وأخرج الترمذي عن علي حديث: «نهى أن تحلق المرأة رأسها» (٢) وتقصيرها بأن تأخذ من أطراف شعرها قدر أنملة، لما روي عن عمر رضي الله عنه حينما قيل له: «كم تقصر المرأة؟ فقال: مثل هذه»، وأشار إلى أنملته.

وليس على الحاج عند الحنفية إذا حلق أن يأخذ شيئاً من لحيته؛ لأن الواجب حلق الرأس بالنص وهو قوله تعالى: {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخُلُنَّ المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلِّقين رؤوسكم ومقصرين} [الفتح:٢٧/ ٤٨] وقال الشافعية: يسن أن يأخذ من شاربه أو لحيته شيئاً، ليكون قد وضع من شعره شيئاً لله تعالى.

والأصلع الذي لا شعر على رأسه يجب عند الحنفية أن يُمر الموسى على رأسه، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «وما أمرتكم به، فأتوا منه ما استطعتم» (٣) فصاحب الشعر يجب عليه إزالته، وإمرار الموسى على رأسه، فإذا سقط أحدهما لتعذره وجب الآخر، فإذا عجز عن تحقيق الحلق، فلم يعجز عن التشبه بالحالقين.

ويستحب عند الجمهور إمرار الموسى على رأس الأصلع، لقول ابن عمر: «من جاء يوم النحر، ولم يكن على رأسه شعر، أجرى الموسى على رأسه».


(١) رواه الدارقطني وأبو داود عن ابن عباس (نيل الأوطار: ٧٠/ ٥).
(٢) وروت عائشة مثله: «أن النبي صلّى الله عليه وسلم نهى المرأة أن تحلق رأسها».
(٣) رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة، ولفظه: «ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به ... ».

<<  <  ج: ص:  >  >>