للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودليل الحنابلة والشافعية على عدم لزوم قطع الخفين (١): حديث ابن عباس السابق: «من لم يجد نعلين، فليلبس خفين» وهو متأخر عن حديث ابن عمر المتقدم، لكونه في خطبة عرفات، فيكون ناسخاً له؛ لأنه لو كان القطع واجباً لبينه للناس، إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة إليه، والمفهوم من إطلاق لبسِهما لبسُهما على حالهما من غير قطع، والأولى قطعهما عملاً بالحديث الصحيح، وخروجاً من الخلاف وأخذاً بالاحتياط.

ودليل الحنابلة على إسقاط الفدية بلبس السراويل والخفين: خبر ابن عباس أيضاً، لأنه أمر بلبسه، ولم يذكر فدية.

وضابط ما يحرم لبسه: هو الملبوس والمعمول على قدر البدن أو قدر عضو منه بحيث يحيط به، إما بخياطة، وإما بغير خياطة، فيشمل القميص والسراويل والجبة والقباء والخف، والقميص المنسوج غير المخيط، والدرع والجورب والملزق بعضه ببعض، والمعقود في سائر أجزاء بدنه.

والأصح عند الشافعية تحريم المداس: وهو الذي لا يستر الكعبين ويستر مقدم الرِجْل.

والمعتبر في اللبس: العادة في كل ملبوس، إذ به يحصل الترفه، فلو ارتدى بالقميص أو القباء أو التحف بهما أو اتزر بالسراويل فلا بأس ولا فدية. ولو ألقى على جسده قَباء (٢) أو عباءة وكان بحيث لو قام أو قعد، لم يستمسك عليه إلا بمزيد عناية، لم تلزمه الفدية، فله أن يجعل المخيط على ظهره من غير لباس، ملتحفاً به أو مرتدياً. ويمنع عند المالكية غير المخيط إذا كان فيه رفاهية كجلد حيوان مسلوخ.


(١) بناء عليه: يجوز لبس الحذاء الحالي (الجزمة أو الصَّباط) إن قطعه من الأمام من أعلى الأصابع، لا من مؤخرته من الوراء لأن الحذاء لا يستر عادة الكعبين، فتحقق قطع الخفين أسفل من الكعبين، ولا فدية حينئذ اتفاقاً.
(٢) كساء منفرج من أمام يلبس فوق الثياب.

<<  <  ج: ص:  >  >>