للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة، وحرِّم عليكم صيد البر مادمتم حرماً} [المائدة:٩٦/ ٥]، وقوله سبحانه: {ياأيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حُرُم} [المائدة:٩٥/ ٥]، وتحريم الإشارة إلى الصيد والدلالة عليه والأكل منه واضح من حديث أبي قتادة لما صاد الحمار الوحشي وأصحابه محرمون، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم لأصحابه: «هل أشار إليه إنسان أو أمره بشيء؟ قالوا: لا، قال: فكلوه» (١) وهذا دليل الحنفية القائلين: يجوز للمحرم أكل الصيد مطلقاً إذا صاده الحلال.

وقال الجمهور: يحرم الأكل من لحم صيد البر على المحرم إذا صيد له، لحديث الصعب بن جَثَّامة: «أنه أهدى إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم حماراً وحشياً وهو بالأبواء أو بودّان، فرده عليه، فلما رأى ما في وجهه قال: إنا لم نردَّه عليك، إلا أنا حُرُم» (٢) وهذا الرأي أرجح؛ لأنه اقتصر في التعليل على كونه محرماً، كما قال الشوكاني، ولحديث آتٍ: «صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصد لكم».

وللمذاهب تفصيلات في الصيد الممنوع، خلاصتها ما يأتي:

قال الحنفية (٣): لا يجوز للمحرم أن يتعرض لصيد البر المأكول وغير المأكول إلا المؤذي غالباً. والصيد الممنوع: كل حيوان بري متوحش بأصل الخلقة مباح أو مملوك، فلا يحرم على المحرم ذبح الإبل والبقر والغنم؛ لأنها ليست بصيد، لعدم الامتناع، والصيد هو الممتنع المتوحش، ولا يحرم الدجاج والبط الذي في المنازل. والكلب والسنَّور (القط) الأهلي ليس بصيد: لأنه مستأنس. ويحل صيد البحر


(١) رواه مسلم، والبخاري بلفظ آخر عن أبي قتادة (نيل الأوطار: ٢١/ ٥).
(٢) متفق عليه بين أحمد والشيخين (المرجع السابق: ص ١٨) ولأحمد ومسلم وأبي داود والنسائي مثله عن زيد بن أرقم.
(٣) البدائع: ١٩٥/ ٢ - ٢٠٦، الكتاب: ٢٠٦/ ١ - ٢١٠، فتح القدير: ٢٥٥/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>