للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ ً - الجفاف بالشمس أو الهواء وزوال أثر النجاسة: يطهر الأرض وكل ماكان ثابتاً بها كالشجر والكلأ والبلاط، لأجل الصلاة عليها، لا للتيمم بها، بخلاف ماكان نحو البساط والحصير والثوب والبدن وكل ما يمكن نقله، فإنه لا يطهر إلا بالغسل. وطهارة الأرض باليبس لقاعدة: (ذكاة الأرض يبسها) (١) ولحديث ابن عمر: «كنت أبيت في المسجد في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكنت شاباً عَزَباً، وكانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد، ولم يكونوا يرشون شيئاً من ذلك» (٢).

والسبب في التفرقة بين الصلاة والتيمم في هذا: هو أن المطلوب لصحة الصلاة الطهارة، ولصحة التيمم الطهورية، والذي تحقق بالجفاف هو الطهارة، لاالطهورية، والطهارة لا تستدعي الطهورية، ويشترط في التيمم طهورية التراب، كما يشترط في الوضوء طهورية الماء.

ولا تطهر الأرض بالجفاف عند غير الحنفية، وإنما لا بد من تطهيرها بالماء إذا أصابتها النجاسة، فالأرض المتنجسة وأجرنة الحمام والحيطان والأحواض ونحوها تطهر بمكاثرة الماء عليها أي بكثرة إفاضة الماء عليها من مطر أو غيره حتى تزول عين النجاسة، كما في حديث الأعرابي الذي بال في المسجد، فأمر النبي بصب ذنوب من ماء عليه (٣).


(١) لاأصل له في الحديث المرفوع، وبه أخذ الحنفية، ويروى عن أبي جعفر محمد الباقر، والمراد بـ: يبسها: طهارتها (أسنى المطالب للحوت البيروتي: ص١١٢).
(٢) رواه أبو داود (معالم السنن للخطابي: ١١٧/ ١ ومابعدها).
(٣) روى الجماعة إلا مسلماً عن أبي هريرة قال: «قام أعرابي، فبال في المسجد، فقام إليه الناس ليقعوا به، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: دعوه، وأريقوا على بوله سَجْلاً من ماء أو ذنوباً من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين» والسجل أو الذنوب: الدلو العظيمة (نيل الأوطار:٤١/ ١ ومابعدها).

<<  <  ج: ص:  >  >>