للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك لا يجوز الأكل لمن تلزم المهدي نفقته، ورفقته ولو فقراء قافلته، وإن كبرت كالحج المصري، ولا للأغنياء مطلقاً.

ومحل عدم جواز الأكل من الهدي المنذور إذا كانت صيغة النذر صحيحة، كقوله: لله علي أن أهدي شاة للحرم. أما مايقع الآن من نذر شيء لسيدي أحمد البدوي وغيره، فيجوز لصاحبه الأكل منه، لعدم صحة نذره، لكن إن نذر ذلك لمجاوريه أو خدامه، ووجدوا في ذلك المكان، كان نذراً صحيحاً يمتنع الأكل منه (١).

والخلاصة: لا يأكل من واجب؛ لأنه هدي وجب بالإحرام، فلم يجز الأكل منه كدم الكفارة، فلا يجوز الأكل من الهدي الواجب، وهدي القران والتمتع والمنذور ودم الجناية.

وأما المتطوع به: فيجوز لصاحبه كالأضحية الأكل منه، ويلزمه التصدق بقدر ما ينطلق عليه الاسم: وهو أقل متمول. والأفضل إذا أراد تقسيمه أن يأكل منه ثلثه، ويهدي للأغنياء ثلثه، ويتصدق بثلثه، لقوله تعالى: {فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر} [الحج:٣٦/ ٢٢] والقانع: السائل أو الراضي بما عنده وبما يعطاه بلا سؤال، والمعتر: المتعرض للسؤال.

وقال الحنابلة (٢): لا يأكل الإنسان من كل واجب كالواجب بنذر أو بتعيين كأن يقول: هذا هدي أو يقلده أو يشعره، إلا من هدي التمتع والقران دون ما سواهما؛ لأن أزواج النبي صلّى الله عليه وسلم تمتعن معه في حجة الوداع، وأدخلت عائشة الحج على العمرة، فصارت قارنة، ثم ذبح عنهن النبي صلّى الله عليه وسلم البقرة، فأكلن من لحومها،


(١) ومثله نذر الشمعة للوقود: فإن كان في المكان المنذور له من ينتفع بضوئها، جاز وإلا فلا.
(٢) المغني: ٥٣٧/ ٣، ٥٤١ - ٥٤٨، غاية المنتهى: ٣٨٨/ ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>