للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكمها عند الجمهور ومنهم الحنفية والمالكية والحنابلة على الراجح عندهم (١): أنه يأثم فيها صاحبها، ويجب عليه التوبة والاستغفار، ولا كفارة عليه بالمال. استدلوا بقول الرسول صلّى الله عليه وسلم: «من حلف على يمين هو فيها فاجر، ليقتطع بها مال امرئ مسلم حرم الله عليه الجنة وأدخله النار» (٢) وفي الصحيحين: «لقي الله وهو عليه غضبان». قال ابن مسعود: «كنا نعد من اليمين التي لا كفارة لها: اليمين الغموس» وعن سعيد بن المسيب قال: «هي من الكبائر، وهي أعظم من أن تُكفَّر»، يروى عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «من الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس واليمين الغموس» (٣). والمعقول يؤيدهم وهو أن الذي أتى به الحالف أعظم من أن تكون فيه الكفارة، فلا ترفع الكفارة إثمها، ولا تشرع فيها، وقد سميت بالغموس؛ لأنها تغمس صاحبها في الإثم أو في النار.

وقال الشافعية وجماعة: تجب الكفارة في اليمين الغموس، أي تسقط الكفارة الإثم فيها كما تسقطه في غير الغموس؛ لأنه وجدت من الحالف اليمين


(١) راجع المبسوط: ٨ ص ١٢٧، البدائع: ٣ ص٣، ١٥، الفتاوى الهندية: ٢ ص ٤٨، فتح القدير: ٤ ص ٣، تبيين الحقائق: ٣ ص١٠٧، الشرح الكبير للدردير بهامش حاشية الدسوقي: ٢ ص ١٢٨، بداية المجتهد: ١ ص ٣٩٦، المغني: ٨ ص ٦٨٦، القوانين الفقهية: ص ١٦٠.
(٢) أخرجه ابن حبان في صحيحه عن أبي أمامة، ورواية الصحيحين ومثلها رواية أبي داود والترمذي هي عن عبد الله بن مسعود، ورواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات عن العرس بن عميرة، ورواه أحمد والطبراني أيضاً عن أبي موسى بلفظ: «من حلف على يمين كاذبة ليقتطع بها مال أحد لقي الله عز وجل، وهو عليه غضبان» (راجع جامع الأصول: ١٢ ص ٢٩٥، مجمع الزوائد: ٤ ص ١٧٨، نصب الراية: ٣ ص ٢٩٢).
(٣) رواه البخاري من حديث ابن عمر، قال: جاء أعرابي إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، ما الكبائر؟ فذكر في الحديث الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس، وفيه قال السائل: وما اليمين الغموس؟ قال: «الذي يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها كاذب» (راجع نيل الأوطار: ٨ ص ٢٣٥، سبل السلام: ٤ ص ١٠٥ ومابعدها).

<<  <  ج: ص:  >  >>