للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله» (١) ولأن ما سبق إليه اللسان من غير قصد لا يؤاخذ به، كما لو سبق لسانه إلى كلمة الكفر.

واتفق الفقهاء على أن يمين اللغو لا كفارة فيها، لقوله تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} [المائدة:٨٩/ ٥]، ولأنها يمين غير منعقدة، فلم تجب فيها كفارة، ولأنها لا يقصد بها المخالفة، فأشبه ذلك ما لو حنث ناسياً (٢).

والشافعية يرون أن يمين اللغو تكون على أمر في الماضي أو الحال أو المستقبل؛ لأن الأدلة التي ذكروها لم تفرق بين الماضي والمستقبل، فكان الحلف لغواً على كل حال.

والحنفية يقولون: لا لغو في المستقبل، بل اليمين على أمر في المستقبل تعتبر يميناً منعقدة، وتجب فيها الكفارة إذا حنث الحالف، سواء قصد اليمين أو لم يقصد، وإنما تختص يمين اللغو في الماضي أو الحال فقط (٣) بدليل قوله تعالى:

{لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} [المائدة:٨٩/ ٥]، واللغو في اللغة: اسم للشيء الذي لا حقيقة له، بل على ظن من الحالف أن الأمر كما حلف عليه، والحقيقة بخلاف ذلك، وهكذا اليمين على أمر في الماضي أو الحال، فهو مما لا حقيقة له إذ ليس فيه قصد اليمين: وهو المنع عن شيء أو الحث على شيء، فكان لغواً. أما اليمين في المستقبل فهي يمين منعقدة، كما سيأتي بيانه في اليمين المعقودة.


(١) روى خبر عائشة البخاري والشافعي ومالك موقوفاً، وصحح ابن حبان رفعه، ورواه أبو داود مرفوعاً، وأخرجه البيهقي أيضاً. ونقله ابن المنذر عن ابن عمر وابن عباس وغيرهما من الصحابة وجماعة من التابعين (راجع جامع الأصول: ١٢ ص ٣٠٧، نيل الأوطار: ٨ ص ٢٣٥ ومابعدها، سبل السلام: ٤ ص ١٠٧).
(٢) المغني: ٨ ص ٦٨٧ ومابعدها، البدائع: ٣ ص ١٧، القوانين الفقهية: ص ١٥٩.
(٣) البدائع: ٣ ص ٣ - ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>