للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندهم، وقد تبنى الأيمان عندهم على الألفاظ لا على الأغراض (١).

وقال الشافعية: الأيمان مبنية على الحقيقة اللغوية أي بحسب صيغة اللفظ، لأن الحقيقة أحق بالإرادة والقصد، إلا أن ينوي شيئاً فيعمل بنيته، مثاله: لو حلف إنسان ألا يأكل رؤوساً، فأكل رؤوس حيتان (مفرده: حوت) فمن راعى العرف قال: لا يحنث، ومن راعى دلالة اللغة قال: يحنث. وكذلك يحنث من حلف لا يأكل لحماً، فأكل شحماً مراعاة لدلالة اللفظ، وقال الآخرون: لا يحنث.

والخلاصة: أن الشافعي يتبع مقتضى اللغة تارة، وذلك عند ظهورها وشمولها، وهو الأصل العام، وتارة يتبع العرف إذا اشتهر واطرد ......

وقال مالك في المشهور من مذهبه: المعتبر في الأيمان التي لا يقضى (٢) على حالفها بموجبها وكذلك النذور هو النية (أي نية الحالف في غير الدعاوى ففيها تعتبر نية المستحلف كما بان سابقاً)، فإن عدمت فقرينة الحال، فإن عدمت فعرف اللفط أي ماقصد الناس من عرف أيمانهم، فإن عدم فدلالة اللغة، وقيل: لايراعى إلا النية أو ظاهر اللفظ اللغوي فقط، وقيل: يراعى النية وبساط الحال أي السبب الحامل على اليمين (٣)، أو المقام وقرينة السياق في اصطلاح علم المعاني. ولاينفع في النذر الاستثناء بالمشيئة.


(١) قال ابن عابدين في رسائله (١ ص ٣٠٤): كل من هاتين القاعدتين مقيدة بالأخرى، فقولهم: (الأيمان مبنية على العرف) معناه العرف المستفاد من اللفظ لا الخارج عن اللفظ اللازم له. وقولهم: (الأيمان مبنية على الألفاظ لا الأغراض) معناه الألفاظ العرفية. وإذا تعارض الوضع الأصلي للكلمة والوضع العرفي ترجح الوضع العرفي.
(٢) أي التي لايصدر فيها حكم قضائي، وإنما يترك شأنها للحالف بينه وبين الله تعالى، وذلك في الأمور التي تكون علاقتها بنفس الإنسان أو بالله سبحانه. أما الأمور التي تتعلق بالناس فهذه مما يقضى فيها على الحالف.
(٣) حدود ابن عرفة: ص ١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>