للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥ - الحلف على عدم الأكل وقصد طعام خاص: لو حلف لا يأكل أو لا يشرب، أو لا يلبس، ونوى طعاماً خاصاً وشراباً خاصاً، وثوباً: فإنه لا يصدق؛ لأنه نوى خلاف مقتضى كلامه وهو لا عموم له، فلا يحتمل الخصوص، والنية إنما تعمل في الملفوظ لتعيين بعض محتملاته. أما لو قال: لا آكل طعاماً، أو لا ألبس ثوباً، ونوى طعاماً بعينه وثوباً بعينه: يصدق ديانة لا قضاء، لأنه نوى تخصيص كلامه الظاهر منه العموم ولكنه يحتمل الخصوص (١).

وذكر المالكية (٢): أن من حلف ألا يأكل رغيفاً، فأكل بعضه، فإنه يحنث في المشهور، ولو حلف أن يأكله، لم يبر إلا بأكل جميعه. والقاعدة عندهم أن من حلف على فعل يحمل على أكثر ما يحتمله اللفظ على المشهور. ومن حلف على فعل شيء حنث بأكل ما يشتق منه، فمن حلف ألا يأكل قمحاً، حنث بأكل خبزه، ومن حلف ألا يأكل لبناً، حنث بأكل الجبن، ومن حلف ألا يأكل عنباً، حنث بأكل الزبيب.

[الحلف على الشرب]

عرفنا معنى الشرب: وهو إيصال مالا يحتمل المضغ من المائعات إلى الجوف، فلو حلف لا يشرب، فأكل: لا يحنث، كما لو حلف لا يأكل، فشرب: لا يحنث؛ لأن الأكل والشرب فعلان متغايران. وإذا حلف لا يشرب ولا نية له: فأي شراب شرب من ماء أو غيره يحنث، لأنه منع نفسه عن الشرب عموماً، وسواء شرب قليلاً أو كثيراً، لأن بعض الشراب يسمى شراباً.

ولو حلف لا يشرب من دجلة أو من الفرات: قال أبو حنيفة: لا يحنث ما لم يشرب منه كرعاً: وهو أن يضع فاه عليه، فيشرب منه، فإن أخذ الماء بيده أو بإناء لم يحنث.


(١) البدائع: ص ٦٦، تبيين الحقائق: ١٣٣/ ٣، الدر المختار: ١٠٥/ ٣ ومابعدها.
(٢) القوانين الفقهية: ص ١٦٤ ومابعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>