للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه» (١) ولأن حكم النذر: وجوب المنذور به، ووجوب فعل المعصية محال، وعليه فإنه يحرم الوفاء بالمعصية، ولايجب عند الجمهور على الناذر شيء. وقال أبو حنيفة: عليه كفارة يمين، كما سيأتي.

وكذلك لايلزم النذر بالمباحات من الأكل والشرب واللبس والركوب وطلاق المرأة؛ لأن هذه الأمور ليست قربة لله، فلا تلزم بالنذر.

ثالثاً ـ أن يكون قربة مقصودة: فلا يصح النذر بعيادة المرضى وتشييع الجنائز والوضوء وتكفين الميت والاغتسال ودخول المسجد ومس المصحف والأذان وبناء الرباطات (٢) والمساجد ونحوها؛ لأن هذه الأمور، وإن كانت قُرَباً لله إلا أنها ليست قرباً مقصودة لذاتها عادة. ومن المعلوم أن النذر قربة مقصودة لذاتها كاليمين، فلا يصح نذر ماليس عبادة أو طاعة مقصودة لنفسها (٣)، وإنما يصح نذر الصلاة والصوم والحج والعمرة والاعتكاف ونحوها؛ لأنها عبادات مقصودة، ومن جنسها واجب شرعاً، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع الله فليطعه».

وقال الشافعية: الصحيح انعقاد النذر بكل قربة لاتجب ابتداء كعيادة مريض وتشييع جنازة والسلام على الغير أو على نفسه إذا دخل بيتاً خالياً، وتشميت العاطس، وزيارة القادم؛ لأن الشارع رغب فيها، والعبد يتقرب بها، فهي كالعبادات. وأما القرب التي يجب جنسها بالشرع كالصلاة والصوم والحج: فإنها


(١) رواه البخاري وأحمد وأصحاب السنن الأربعة عن عائشة رضي الله عنها (انظر تخريج وتحقيق أحاديث تحفة الفقهاء: ٤٥٩/ ٢ ومابعدها للمؤلف مع الأستاذ المنتصر الكتاني).
(٢) الرباطات: المعاهد المبنية والموقوفة للفقراء.
(٣) انظر البدائع: ٨٢/ ٥، فتح القدير والعناية: ٢٧/ ٤، الدر المختار ورد المحتار: ٧٣/ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>