للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشافعية، وفي رواية عن أحمد. وأضاف مالك رضي الله عنه أن الناذر يرجع عند العجز، ثم يمشي مرة أخرى من حيث عجز، والدم عنده أي الهدي هو بدنة أو بقرة، أو شاة إن لم يجد بقرة أو بدنة (١). ودليل هذه المسألة ماروي عن ابن عباس رضي الله عنهما عن عقبة بن عامر أن أخته نذرت أن تمشي إلى بيت الله الحرام، فأتى النبي صلّى الله عليه وسلم، فسأله: فقال: «إن الله لغني عن نذر أختك، لتركب،، ولتهد ِ بدنة» (٢) ولأن المشي صار بالنذر نسكاً واجباً، فوجب بتركه الدم كالإحرام من الميقات.

والأرجح عند الحنابلة أنه إذا عجز عن المشي ركب، وعليه كفارة يمين، لأن النبي صلّى الله عليه وسلم قال لأخت عقبة بن عامر لما نذرت المشي إلى بيت الله: «لتمش ولتركب، ولتكفر عن يمينها» أخرجه أبو داود، وفي رواية الجوزجاني والترمذي وبقية أصحاب السنن: «فلتصم ثلاثة أيام» ولقوله عليه السلام: «كفارة النذر كفارة يمين» (٣) ولأن المشي مما يوجبه الإحرام فلم يجب الدم بتركه، وحديث الهدي ضعيف كما أشرنا في الحاشية.


(١) انظر البدائع: ٨٤/ ٥، بداية المجتهد: ٤١١/ ١، مغني المحتاج: ٣٦٣/ ٤ ومابعدها، المهذب: ٢٤٥/ ١ ومابعدها، المغني: ٨/ ٩.
(٢) رواه أبو داود عن عبد الله بن عباس بهذا اللفظ، ورواه أحمد وأبو يعلى الموصلي في مسنديهما بلفظ: «إن الله غني عن نذر أختك، ولتركب ولتصم ثلاثة أيام» ورواه أحمد وأصحاب الكتب الستة عن عقبة بن عامر بلفظ: «لتمش ولتركب» وفي رواية: «إن الله تعالى لا يصنع بشقاء أختك شيئاً، مرها فلتختمر، ولتركب، ولتصم ثلاثة أيام» (جامع الأصول: ١٨٥/ ١٢، مجمع الزوائد: ١٨٩/ ٤، نصب الراية: ٣٠٥/ ٣، نيل الأوطار: ٢٤٦/ ٨، سبل السلام: ١١٣/ ٤).
(٣) رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن عقبة بن عامر بلفظ: «كفارة النذر كفارة يمين» وهو حديث صحيح، وهناك روايات أخرى استوفيناها في تخريج أحاديث تحفة الفقهاء: ٤٦٤/ ٢ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>