للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا عجز الإنسان عن كل واحد من الخصال الثلاثة المذكورة، لزمه صوم ثلاثة أيام، للآية السابقة: {فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام} [المائدة:٨٩/ ٥] والمراد بالعجز: ألا يقدر على المال الذي يصرفه في الكفارة، كمن يجد كفايته في يومه وليلته وكفاية من تلزمه نفقته فقط، ولا يجد ما يفضل عنها (١).

وينظر إلى العجز وقت الأداء، أي أداء الكفارة عند الحنفية والمالكية والشافعية، فلو حنث الحالف، وكان موسراً وقت الحنث، ثم أعسر، جاز له الصوم عندهم؛ لأن الكفارة عبادة لها بدل، فينظر فيها إلى وقت الأداء، لا وقت الوجوب كالصلاة إذا فاتت في حال الصحة، فقضاها قاعداً أو بالإيماء حال المرض فإنه يجوز.

ويشترط عند الحنفية استمرار العجز إلى الفراغ من الصوم، فلو شرع في الصوم ثم قدر على الإطعام أو الكسوة أو العتق، ولو قبل فراغه من صوم اليوم الثالث بساعة مثلاً: لا يجوز له الصوم، ويرجع إلى التكفير بالمال (٢).

كذلك ينظر عند المالكية والشافعية إلى العجز وقت إرادة التكفير. أما إذا شرع في الصوم، ثم قدر على المال فلا يلزمه عند هؤلاء الرجوع عن الصوم إلى الكفارة المالية؛ لأن الصوم بدل عن غيره، فلا يبطل بالقدرة على المبدل عنه، ولو وجبت الكفارة على موسر ثم أعسر لم يجزئه الصوم عند هؤلاء (٣)، بعكس الحنفية في المسألتين.


(١) مغني المحتاج: ٧٢٨/ ٤، المغني: ٧٥٦/ ٨، الفتاوى الهندية: ٥٧/ ٢، نهاية المحتاج للرملي: ٤٠/ ٨، المهذب: ١٤١/ ٢، الشرح الكبير: ١٣٣/ ٢.
(٢) البدائع: ٩٧/ ٣، الدر المختار: ٦٧/ ٣، تبيين الحقائق: ١١٣/ ٣.
(٣) الشرح الكبير للدردير: ١٣٣/ ٢، حاشية قليوبي وعميرة على شرح المنهاج للمحلي: ٢٧٥/ ٤، المغني: ٧٥٥/ ٨، ٧٦٢ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>