للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قدر الكسوة: فاختلف فيه (١)، فقال الحنفية: أدنى الكسوة ما يستر عامة البدن، وقال الحنابلة: تتقدر الكسوة بما تجزئ الصلاة فيه: فإن كان رجلاً كساه ثوباً تجزئ الصلاة فيه، وإن كانت امرأة كساها قميصاً وخماراً؛ لأن الكسوة إحدى خصال الكفارة، فلم يجز فيها أدنى ما يطلق عليه اسم الكسوة، كما هو مقرر في الإطعام والإعتاق، ولأن اللابس حينما لا يستر العورة يسمى عرياناً لا مكتسياً. وقال المالكية: أقل ذلك للرجل ثوب يستر جميع جسده، وللمرأة: ما يجوز لها فيه الصلاة، وذلك ثوب وخمار.

وقال الشافعية: يجزئ أقل ما يطلق عليه اسم الكسوة من إزار أو رداء أو جبة أو قميص أو ملحفة؛ لأنه يقع عليه اسم الكسوة، ولأن الله تعالى لم يذكر في الكسوة تقديراً، فكل ما يسمى لا بسه مكتسياً يجزئ.

ولا تجزئ بالاتفاق القلنسوة (٢) والخفان والنعلان والقفازان والمنطقة (٣)؛ لأن لا بسها لا يسمى مكتسياً إذا لم يكن عليه ثوب، بل ولا تسمى هذه كسوة عرفاً (٤).

ولم يجز الحنفية على الصحيح عندهم الكسوة بالسراويل والعمامة؛ لأن أدنى الكسوة عندهم كما تقدم ما يستر عامة البدن، ولأن لا بسها لا يسمى مكتسياً عرفاً وعادة، بل يسمى عرياناً، فلو أمكن اتخاذ العمامة ثوباً أجزأه، كذا إذا بلغت قيمتها وقيمة السراويل قيمة المقدار الواجب من الطعام، فإنه يجزئ، ويقع ذلك


(١) بداية المجتهد: ٤٠٥/ ١، الشرح الكبير:١٣٢/ ٢، المغني: ٧٤٢/ ٨، القوانين الفقهية: ص ١٦٥.
(٢) القلنسوة بفتح القاف واللام: وهي ما يغطى به الرأس ونحو ذلك مما لا يسمى كسوة، كدرع من حديد.
(٣) المنطقة: بكسر الميم: هي النطاق الذي يشدّ به وسط الإنسان.
(٤) المبسوط: ١٥٣/ ٨، البدائع: ١٠٥/ ٥، فتح القدير: ١٩/ ٤، المهذب: ١٤١/ ٢، مغني المحتاج: ٣٢٧/ ٤، الفتاوى الهندية: ٥٧/ ٢، القوانين الفقهية: ص ١٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>