للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن سافر سفراً مباحاً، وعصى أثناء سفره، كأن شرب الخمر، فهو عاص في سفره، تباح له الرخص الشرعية، لأنها منوطة بالسفر، ونفس السفر ليس معصية، ولا إثم به.

رابعاً ـ جنس الشيء المستباح للضرورة: يستباح للضرورة في المذاهب الأربعة كل شيء محرم، يرد جوعاً أو عطشاً، كالميتة من كل حيوان والخنزير وطعام الغيرونحوه (١).

واستثنى الحنابلة السم ونحوه مما يضر.

واستثنى المالكية الآدمي والدم والخنزير والأطعمة النجسة كالعذرة والأشربة النجسة إلا الخمر، لإزالة الغُصة، ولا تباح لجوع ولا لعطش لأنها لا تدفعه، وقيل: تباح، ولا يحل التداوي بها ولو لخوف الموت في المشهور.

كما استثنوا ضالة الإبل، إلا إن تعينت عند انفرادها، وتقدم عليها الميتة عند وجودهما.

واتفق أئمة المذاهب على أنه لا يباح قتل إنسان مسلم أو كافر معصوم أو إتلاف عضو منه لضرورة الأكل، لأنه مُثلة، فلا يجوز أن يبقي نفسه بإتلافه. فلا يباح إذن الإنسان الحي. كما لا يباح الأكل من الإنسان الميت عند الجمهور غير الشافعية، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «كسر عظم الميت ككسره حياً» (٢). وإن قال شخص لآخر


(١) الشرح الكبير للدردير: ١١٥/ ٢ ومابعدها، بداية المجتهد: ٤٦١/ ١، القوانين الفقهية: ص ١٧٣، الدر المختار ورد المحتار: ٢٣٨/ ٥، مغني المحتاج: ٥٩٥/ ٨، كشاف القناع: ١٩٤/ ٦.
(٢) رواه أحمد في مسنده، وأبو داود، وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها. وروى مالك وابن ماجه وأبو داود بإسناد صحيح ما عدا رجلاً واحداً هو سعد الأنصاري، ضعفه أحمد، ووثقه الأكثرون: حديثاً في معناه عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال لحفار قبر أخرج عظماً: «لا تكسرها، فإن كسرك إياها ميتاً ككسرك إياه حياً، ولكن دُسَّه في جانب القبر» وأخرج ابن ماجه عن أم سلمة أنه صلّى الله عليه وسلم قال: «كسر عظم الميت ككسره حياً في الإثم».

<<  <  ج: ص:  >  >>