للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثلاً: اقطع يدي وكلها، لا يحل؛ لأن لحم الإنسان لا يباح في الاضطرار لكرامته.

وأجاز الشافعية (١) للمضطر أكل آدمي ميت إذا لم يجد ميتة غيره؛ لأن حرمة الحي أعظم من حرمة الميت، إلا إذا كان الميت نبياً، فإنه لا يجوز الأكل منه قطعاً، أو كان الميت مسلماً والمضطر كافراً، فإنه لا يجوز له الأكل منه لشرف الإسلام. وقال الخطيب الشربيني شارح المنهاج: بل لنا وجه: أنه لا يجوز أكل الميت المسلم، ولو كان المضطر مسلماً. وبهذه الاستثناءات اقترب الشافعية من غيرهم.

وأجاز الحنابلة أكل الآدمي غير المعصوم أي مباح الدم كالحربي والمرتد والزاني المحصن والقاتل في المحاربة (٢).

كذلك أجاز الشافعية والحنابلة للمضطر قتل حربي ومرتد وأكله، ولا يجوز له قطع بعض أعضائه، لأنهما ـ أي في حالة القتل ـ غير معصومين، فيباح قتلهما، إذ لا حرمة لهما، فكانا بمنزلة السباع، وللمضطر أكله بعد موته، لعدم حرمته.

وللمضطر أيضاً عندهم (الشافعية والحنابلة) قتل الزاني المحصن، والمحارب (قاطع الطريق) ومن عليه قصاص، وإن لم يأذن الإمام في القتل؛ لأن قتلهم مستحق، وإنما يعتبر إذن الإمام في غير حال الضرورة تأدباً معه، وحال الضرورة ليس فيها رعاية أدب.

ولا يجوز للمضطر قتل ذمي ومستأمن ومعاهد، لحرمة قتلهم. والأصح له حل قتل صبي حربي وامرأة حربية، لأنهما ليسا بمعصومين، ومنع قتلهما في غير الضرورة لا لحرمتهما، بل لحق الغانمين.


(١) مغني المحتاج: ٣٠٧/ ٤.
(٢) كشاف القناع: ١٩٨/ ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>