للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقوله تعالى: {فمن اضطر غير باغ ولا عاد} [البقرة:١٧٣/ ٢] فرفعت الضرورة التحريم، وخصصت الضرورة الحرام؛ لأن إهمال تعاطي الدواء قد يسبب الوفاة.

[شرب الخمر حالة العطش]

أجاز جمهور الفقهاء (١) شرب الخمر عند ضرورة العطش أو الغصص أو الإكراه قدر ما تندفع به الضرورة؛ لأن الحفاظ على الحياة يقتضي إباحة كل ما يطفئ الظمأ.

وقيد الحنابلة (٢) شرب الخمر لضرورة العطش بما إذا كانت ممزوجة بما يروي من العطش، فتباح حينئذ فقط. فإن شربها صرفاً أو ممزوجة بشيء يسير لا يروي من العطش، لم يبح له ذلك، وعليه عقوبة الحد المقررة.

خامساً ـ كيفية ترتيب الأفضلية بين مطعومات الضرورة: إذا وجد المضطر ميتة وطعاماً لغيره وصيداً لمحرم أو مأكولاً غير مذبوح، فهل يقدم الميتة أو غيرها؟ للفقهاء رأيان:

١ - قال الجمهور (الحنفية، والشافعية في المعتمد عندهم، والحنابلة) (٣): إنه يأكل الميتة؛ لأن أكل الميتة ثبت بالنص، وطعام الغير أو إباحة الصيد ثبت بالاجتهاد، والأخذ بالمنصوص عليه أولى، ولأن الميتة لا تبعة فيها لأحد من الناس


(١) أحكام القرآن لابن العربي: ١٤٧/ ١، بداية المجتهد: ٤٦٢/ ١، الإفصاح لابن هبيرة: ص ٣٧٤، تفسير القرطبي: ٢٢٨/ ٢.
(٢) المغني: ٣٠٨/ ٨، ٦٠٥.
(٣) الأشباه والنظائر لابن نجيم: ١٢٤/ ١، أحكام القرآن للجصاص: ١٤٨/ ١، مغني المحتاج: ٣٠٩/ ٤، المهذب: ٢٥٠/ ١، المغني: ٦٠٠/ ٨، كشاف القناع: ١٩٤/ ٦ ومابعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>