للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الدنيا ولا في الآخرة، فكان أكلها أخف من أكل طعام الغير، إذ حقوق الناس مبنية على التشديد، وحق الله تعالى أوسع. ولو حصل ضرر بأكل الميتة يرجى الشفاء منه بالمداواة. ويجب عند الحنابلة تقديم السؤال على آكل الميتة.

وإن وجد المحرم صيداً حياً وميتة، أكل الميتة؛ لأن ذبح الصيد جناية لا تجوز له حال الإحرام. فإن لم يجد المضطر ميتة، ذبح الصيد وأكله.

وإن لم يجد المضطر شيئاً يأكله، لم يبح له عند الحنابلة (١) أكل بعض أعضائه؛ لأن أكله من نفسه ربما قتله، فيكون قاتلاً لنفسه، ولا يتيقن حصول البقاء بأكل جزء من جسده.

وقال النووي في المنهاج (٢): الأصح جواز قطع بعضه، لا كله، لأنه إتلاف بعضه لاستبقاء كله. وشرط الجواز أمران: أحدهما ـ فقد الميتة ونحوها. والثاني ـ أن يكون الخوف في قطعه أقل من الخوف في ترك الأكل. فإن كان مثله أو أكثر، حرم جزماً. كما يحرم جزماً على شخص قطع بعض نفسه لغيره من المضطرين؛ لأن قطعه لغيره ليس فيه قطع البعض لاستبقاء الكل. ويحرم على مضطر أيضاً أن يقطع لنفسه قطعة من حيوان معصوم.

٢ - وقال المالكية (٣): تقدم الميتة وجوباً على أكل لحم الخنزير، لأنه حرام لذاته، وحرمة الميتة عارضة، كما تقدم الميتة للمضطر المحرم على الصيد الحي الذي صاده المحرم أو أعان عليه، ما لم تكن الميتة متغيرة يخاف على نفسه من أكلها، وإلا قدم الصيد المذكور. فإن كان المضطر حلالاً قدم صيد المحرم على الميتة.


(١) المغني: ٦٠١/ ٨.
(٢) مغني المحتاج: ٣١٠/ ٤.
(٣) الشرح الكبير: ١١٦/ ٢، القوانين الفقهية: ص ١٧٣، تفسير القرطبي: ٢٢٩/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>