للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لحمته صوف، وسداه حرير)؛ لأن الصحابة كانوا يلبسون الخز، والخز مسدّى بالحرير، ولأن النسج باللحمة، فهي المعتبرة دون السدى. فإن انعكس الأمر بأن كانت لحمة الثوب حريراً، وسداه غير حرير، لايحل لبسه في غير الحرب، ولابأس به في الحرب باتفاق الحنفية.

ويجوز عند الحنفية قليل الحرير، فالقليل عفو: وهو مقدار ثلاثة أو أربعة أصابع، كالأعلام، والمكفوف بالحرير، لما روى عمر، فقال: «نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن لبس الحرير، إلا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع» (١). وكان النبي صلّى الله عليه وسلم يلبس جبة مكفوفة بالحرير (٢).

ويجوز للضرورة لبس الحرير لستر عورة أو وقاية الجسم من الحر أو البرد حتى يجد غيره من الثياب المباحة، لأن الضرورات تبيح المحظورات، والضرورة تقدر بقدرها.

ويباح للضرورة عند جمهور الفقهاء غير المالكية لبس الحرير لدفع أذى من قَمْل ونحوه، أو لدفع مرض كجرب وغيره، بدليل أن النبي صلّى الله عليه وسلم رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير في لبس الحرير لحكة كانت بهما (٣). وقال المالكية: لا يحل ولو لذاك، ويلاحظ أن الحديث حجة عليهم.

ويكره عند الحنفية للولي أن يلبس الصبيان الذكور الذهب والفضة والحرير؛


(١) أخرجه مسلم (نصب الراية: ٢٢٥/ ٤).
(٢) أخرجه مسلم عن عبد الله أبي عمر، مولى أسماء بنت أبي بكر، ورواه أبو داود، والبخاري أيضاً (نصب الراية: ٢٢٦/ ٤).
(٣) رواه الجماعة عن أنس إلا لفظ الترمذي: أن عبد الرحمن بن عوف والزبير شكوا إلى النبي صلّى الله عليه وسلم القَمْلَ، فرخص لهما في قُمُص الحرير، في غزاة لهما (نيل الأوطار: ٨٨/ ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>