للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاحتكار بأهله، كما يكره تلقي الركبان، أو الجلب، لنهي النبي صلّى الله عليه وسلم عن تلقي البيوع (١). فأما إذا كان لا يضر، فلا بأس به (٢).

وعبر الكاساني في البدائع عن منع الاحتكار بالحرمة (٣)، وهو متفق عليه مع تعبير الأئمة الآخرين: الاحتكار حرام.

وأدلة التحريم أحاديث كثيرة، منها ما ذكر سابقاً في البحث، ومنها قوله صلّى الله عليه وسلم: «لا يحتكر إلا خاطئ» «من احتكر حُكرة يريد أن يغلي بها على المسلمين فهو خاطئ» «من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم، كان حقاً على الله أن يقعده بُعْظم من النار ـ مكان عظيم من النار ـ يوم القيامة» «من احتكر على المسلمين طعامهم، ضربه الله بالجذام والإفلاس» (٤).

٢ً - بيع المال المحتكر: قال الحنفية (٥): يؤمر المحتكر من القاضي ببيع ما فضل عن قوته وقوت

أهله، فإن لم يفعل وأصر على الاحتكار، ورفع أمره إلى الحاكم مرة أخرى، وهو مصر عليه، وعظه الحاكم وهدده. فإن لم يفعل ورفع إليه أمره للمرة الثالثة، حبسه وعزره، زجراً له عن سوء صنعه، ويجبره القاضي على البيع، ويبيعه القاضي عليه جبراً عنه إذا امتنع عن بيع طعامه بالاتفاق بين الحنفية على الصحيح، ويكون البيع بسعر المثل.


(١) متفق عليه بين أحمد والشيخين عن ابن مسعود (نيل الأوطار: ١٦٦/ ٥) وأخرج مسلم عن أبي هريرة: «نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن تلقي الجلب. وفي لفظ: لا تلقوا الجلب، فمن تلقاه فاشتراه، فإذا أتى سيده السوق، فهو بالخيار» وأخرج البخاري ومسلم عن ابن عباس: «لا تتلقوا الركبان، ولا يبيع حاضر لباد» (نصب الراية: ٢٦١/ ٤).
(٢) تكملة الفتح، الدر المختار، اللباب، تبيين الحقائق: المكان السابق.
(٣) البدائع، المكان السابق.
(٤) روى الأول أحمد ومسلم وأبو داود عن ابن المسيب، وروى الثاني والثالث أحمد عن معقل بن يسار، وعن أبي هريرة، وروى الرابع ابن ماجه عن عمر (نيل الأوطار: ٢٢٠/ ٥).
(٥) مراجعهم السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>