للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثالث ـ الذبح من القفا]

قال المالكية (١): لا يؤكل ما ذبح من القفا، ولا في صفحة العنق إذا وصل من ذلك إلى قطع ما يجب في الذكاة؛ لأن القاطع للعروق أعضاء الذكاة من القفا، لا يصل إليها بالقطع إلا بعد قطع النخاع الشوكي، وهو مقتل من المقاتل، فيحصل الذبح لحيوان قد أصيب مقتله.

وقال جمهور الفقهاء (٢): يكره ذبح الحيوان من القفا، أو من صفحة العنق، فلو فعل ذلك عصى لما فيه من التعذيب. لكن إن حدث القطع على وجه السرعة، وأتت السكين على موضع الذبح، وفي الحيوان حينئذ حياة مستقرة حتى تقطع العروق عند الحنفية، والحلقوم والمري عند الشافعية والحنابلة، جاز أكله، وإلا لم يحل لموته بلا ذكاة. ويعلم وجود الحياة المستقرة بوجود الحركة أو انفجار الدم بعد قطع موضع الذبح، فهي دليل بقاء الحياة المستقرة قبله. فإن لم يعلم وشك، هل توجد الحياة المستقرة قبل قطع موضع الذبح نظر: فإن كان الغالب بقاء ذلك لحدة الآلة وسرعة القطع، أبيح أكله، وإن كانت الآلة كالَّة (لا تقطع)، وأبطأ قطعه، وطال تعذيبه للحيوان لم يبح أكله؛ لأنه مشكوك في وجود ما يحله، وصار ميتة، فلا يفيده الذبح بعدئذ.

[المطلب الرابع ـ قطع النخاع]

إن تمادى الذابح بالذبح حتى قطع النخاع (٣)، أو قطع كل الرقبة (إبانة


(١) بداية المجتهد، القوانين الفقهية: المكان السابق، الشرح الكبير: ٩٩/ ٢، شرح الرسالة: ٣٧٩/ ١.
(٢) الدر المختار: ٢٠٨/ ٥، اللباب: ٢٢٧/ ٣، تكملة الفتح: ٦٠/ ٨، الشرح الصغير: ١٧٤/ ٢، القوانين الفقهية وبداية المجتهد: المكان السابق، المهذب: ٢٥٢/ ١، مغني المحتاج: ٢٧١/ ٤، كشاف القناع: ٢٠٥/ ٦، الميزان: ٦٠/ ٢، المغني: ٥٧٨/ ٨ ومابعدها.
(٣) النخاع: وهو عرق أبيض يمتد من الدماغ، ويستبطن فقرات الرقبة إلى عَجب الذنب (أي أصل الذنب).

<<  <  ج: ص:  >  >>