للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمراد بحديث «ذكاة الجنين ذكاة أمه» هو التشبيه أي كذكاتها، فلا يدل على أنه يكتفى بذكاة الأم. والخلاصة: أن الجنين الميت لا يؤكل عند الحنفية، أشعر أو لم يشعر، أي تم خلقه، أو لم يتم، لأنه لا يشعر إلا بعد تمام الخلق.

ب ـ وقال جمهور الفقهاء ومنهم صاحبا أبي حنيفة: يحل أكل الجنين إذا خرج ميتاً بذكاة أمه، أو وجد ميتاً في بطنها، أو كانت حركته بعد خروجه كحركة المذبوح.

ويشترط فيه عند المالكية: أن يكون قد كمل خلقه: ونبت شعره، لما روي عن ابن عمر وجماعة من الصحابة، وقال كعب بن مالك: «كان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقولون: إذا أشعر الجنين، فذكاته ذكاة أمه».

وأجاز الشافعية والحنابلة أكل الجنين الميت، أشعر أم لم يشعر، لما روى ابن المبارك عن ابن أبي ليلى، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ذكاة الجنين ذكاة أمه، أشعر أو لم يشعر».

ودليل الجمهور على الجواز حديث حسن: «ذكاة الجنين ذكاة أمه» (١)، ورأيهم بدليل الثابت في السنة هو الأصح عندي، بل القياس يقتضي أن تكون ذكاة الجنين في ذكاة أمه؛ لأنه جزء منها، فلا معنى لاشتراط الحياة فيه. قال ابن رشد المالكي: وعموم الحديث يضعف اشتراط أصحاب مالك نبات شعره، فلا يخصص العموم الوارد في ذلك بالقياس، أي قياسه على الأشياء التي تعمل فيها التذكية.


(١) روي عن أحد عشر صحابياً وهم الخدري، وجابر، وأبو هريرة، وابن عمر، وأبو أيوب، وابن مسعود، وابن عباس، وكعب بن مالك، وأبو الدرداء، وأبو أمامة، وعلي. فحديث أبي سعيد الخدري مثلاً رواه أحمد والترمذي وحسنه، وابن ماجه، والدارقطني وابن حبان وصححه (نصب الراية: ١٨٩/ ٤ ومابعدها، نيل الأوطار: ١٤٤/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>