للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: ماله دم سائل: وهو إما مستأنس، أو متوحش.

أما المستأنس من البهائم: فيحل منه الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم بالإجماع، لقوله تعالى: {والأنعام خلقها لكم فيها دفء، ومنها تأكلون} [النحل:٥/ ١٦] {أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا مايتلى عليكم} [المائدة:١/ ٥] واسم الأنعام يقع على هذه الحيوانات لغة.

ويحرم أكل البغال والحمير، ويحل لحم الخيل، لكن مع الكراهة تنزيهاً عند أبي حنيفة (١)، لحديث جابر: «نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، وأذن في لحوم الخيل» (٢) والبغال متولدة من الحمير، والمتولد من الشيء له حكمه في التحريم. وهكذا يحرم عند الشافعية خلافاً للحنفية والحنابلة كل ماتولد من بين الإنسي والوحشي، تغليباً للتحريم. والآخرون قالوا: تغلب الإباحة لأنها الأصل، وعموم النصوص يقتضيها.

والسبب في كراهة لحم الخيل عند أبي حنيفة: هو استخدامها للركوب والجهاد، ولاختلاف الأحاديث المروية في حلها وتحريمها، فتكره احتياطاً للحرمة (٣). والمشهور عند المالكية تحريم الخيل.


(١) البدائع:٣٧/ ٥ ومابعدها، بداية المجتهد: ٤٥٥/ ١، الشرح الكبير: ٤٩/ ١، القوانين الفقهية: ص ١٧٢، مغني المحتاج: ٢٩٨/ ٤ ومابعدها، المغني: ٥٨٦/ ٨ ومابعدها.
(٢) متفق عليه بين أحمد والشيخين، قال ابن عبد البر: وروى عن النبي صلّى الله عليه وسلم تحريم الحمر الأهلية علي وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وجابر، والبراء، وعبد الله بن أبي أوفى، وأنس، وزاهر الأسلمي بأسانيد صحاح حسان، وحديث غالب بن الحر لايعرج على مثله مع ما عارضه (نصب الراية: ١٩٨/ ٤، المغني: ٥٨٧/ ٨).
(٣) ثبت في الصحيحين عن أسماء رضي الله عنها، قالت: «نحرنا فرساً على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأكلناه، ونحن بالمدينة» وأما خبر خالد في النهي عن أكل لحوم الخيل، فقال الإمام أحمد وغيره: منكر، وقال أبو داود: منسوخ. والاستدلال على التحريم بآية {لتركبوها وزينة} مردود، كما ذكر البيهقي وغيره، لأن الآية مكية بالاتفاق، ولحوم الحمر إنما حرمت يوم خيبر سنة سبع بالاتفاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>