للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكل؛ لأنه لا يمكن الاحتراز عنه. بخلاف الحالة المتقدمة، فإنه يمكن الاحتراز عنه، وقد اجتمع فيه سبب الحل والحرمة معاً، فترجح جهة الحرمة احتياطاً، ولحديث عدي بن حاتم السابق: «وإن وقع في ماء، فلا تأكل». هذا مالم يكن سهم قد أنفذ مقاتله قبل الوقوع، فإن حدث ذلك لم يضره الغرق أو التردي.

[المطلب الثاني ـ شروط آلة الصيد]

الآلة نوعان: سلاح، وحيوان.

أـ أما السلاح: فيشترط أن يكون محدداً كالرمح والسهم والسيف والبارود ونحو ذلك. وإذا رمى الصيد بسيف أو غيره، فقطعه قطعتين أو قطع رأسه، أكل جميعه وأكل الرأس، عند الجمهور (١)، ولا يؤكل الجزء المبان منه إذا بقيت فيه حياة مستقرة؛ لأن «الجزء المقطوع من الحي كميتته». ويؤكل العضو المبان إذا لم تبق فيه حياة مستقرة ومات بالجرح.

وكذلك قال الحنفية (٢): إذا رمى إلى صيد، فقطع عضواً منه أكل المصيد، كوجود الجرح، ولا يؤكل العضو المقطوع بحال، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «ما أبين من الحي فهو ميت» (٣) والمبان منه حي حقيقة لوجود الحياة. وإن قطعه الرامي أثلاثاً أو أكثره مع عجزه، أو قطع نصف رأسه أو أكثره، أو قدَّه نصفين، أُكل كله؛ لأن هذه الصور لا يمكن فيها وجود حياة فوق حياة المذبوح، فلم يتناولها الحديث المذكور. أما لو كان الأكثر مع الرأس، أكل الأكثر، ولا يؤكل الأقل، لإمكان الحياة فوق حياة المذبوح، وأما الأقل فهو مبان من الحي.


(١) القوانين الفقهية: ص ١٧٦، ١٧٨، المغني: ٥٥٦/ ٨ ومابعدها، بداية المجتهد: ٤٤٧/ ١، مغني المحتاج: ٢٧٠/ ٤.
(٢) اللباب: ٢٢٢/ ٣، الدر المختار: ٣٣٦/ ٥، تكملة الفتح: ١٨٥/ ٨ ومابعدها.
(٣) رواه الحاكم وصححه على شرط الشيخين وأحمد وأبو داود والترمذي عن ابن عمر بلفظ «ما قطع من حي فهو ميته» أو «ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة» (نيل الأوطار: ١٤٦/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>