للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشلى (أغرى) الصائد له عليه حتى يقتله، فيؤكل (١) عندهم لأنها حال تتعذر فيها الذكاة في الحلق واللبة غالباً. فجازت ذكاة الضرورة، ولا يؤكل في قول أكثر أهل العلم، لأنه صيد مقدور عليه، فلم يبح بقتل الجارح له كبهيمة الأنعام، وكما لو أخذه سليماً.

[المبحث الثالث ـ ما يباح اصطياده من الحيوان عند الحنفية]

يباح عند الحنفية (٢) اصطياد ما في البحر والبر، مما يحل أكله، وما لا يحل أكله. غير أن ما يحل أكله يكون اصطياده للانتفاع بلحمه وبقية أجزائه، وما لا يحل أكله، يكون اصطياده للانتفاع بجلده وشعره وعظمه، أو لدفع أذاه وشره، وهذا هو رأي المالكية كما ذُكر سابقاً فيما تعمل به الذكاة، إلا صيد الحرم (في مكة والمدينة) فإنه لا يباح اصطياده، باتفاق الفقهاء إلا المؤذي منه، لقوله عز شأنه: {أولم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً} [العنكبوت:٦٧/ ٢٩] وقول النبي صلّى الله عليه وسلم في صيد حرم مكة: «ولا ينفر صيده» (٣). وكذلك قال في صيد المدينة: «لا ينفر صيدها» (٤) وخص منه المؤذيات بقوله عليه الصلاة والسلام: «خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم: الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور» (٥).


(١) وهو رأي إبراهيم النخعي الذي كان يقول: «إذا أدركته حياً ولم يكن معك حديدة، فأرسل عليه الكلاب حتى تقتله» وبه قال الحسن البصري لعموم قوله تعالى: {فكلوا مما أمسكن عليكم} [المائدة:٤/ ٥] (بداية المجتهد: ٤٤٥/ ١).
(٢) البدائع: ٦١/ ٥، الكتاب مع اللباب: ٢٢٣/ ٣، تكملة الفتح: ١٨٨/ ٨، تبيين الحقائق: ٦١/ ٦ ومابعدها.
(٣) متفق عليه بين أحمد والشيخين عن ابن عباس (نيل الأوطار: ٢٥/ ٥).
(٤) رواه أصحاب الكتب الستة ما عدا ابن ماجه عن علي (جامع الأصول: ١٩٣/ ١٠).
(٥) متفق عليه بين أحمد والشيخين عن عائشة، وفيه روايات أخرى عن ابن عمر، وابن مسعود وابن عباس وغيرهم، وفي بعضها ذكر الحية بدل الحدأة، حتى صارت تسعاً (نيل الأوطار: ٢٦/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>