للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويملكه أيضاً بإلجائه إلى مضيق، ولو مغصوباً، لا يفلت منه، أي لا يقدر الصيد على التفلت منه كبيت لأنه صار مقدوراً عليه.

ولا بد من قصد الاصطياد، فمن رأى صيداً، فظنه حجراً، أوحيواناً غير الصيد، فرماه، فقتله، حل أكله، وملكه، لأنه قتله بفعل قصده، وإنما جهل حقيقته، والجهل بها لا يؤثر.

ولو قصد صيداً في ملكه، وصار مقدوراً عليه بتوحل (الوقوع في وحل) وغيره، لم يملكه في الأصح؛ لأن مثل هذا لا يقصد به الاصطياد، والقصد ضروري للتملك، لكن يصير أحق به من غيره.

ومتى ملكه، لم يزل ملكه بانفلاته، فمن أخذه، لزمه رده، ولا يزول ملكه أيضاً بإرسال المالك له في الأصح؛ لأن رفع اليد عنه، لا يقتضي زوال الملك عنه، كما لو سيَّب بهيمته، فليس لغيره أن يصيده إذا عرفه.

حالة الاشتراك في الصيد: لو جرح الصيد اثنان متعاقبان، فإن ذفف (قتل) الثاني منهما الصيد، أو أزمن (بأن أزال امتناعه)، دون الأول منهما، فهو للثاني؛ لأن جُرْحه هو المؤثر في امتناعه، ولا شيء له على الأول بجرحه، لأنه كان مباحاً حينئذ.

وإن أزمن الأول، فإن انضم إليه فعل الثاني، بأن ذفف بقطع حُلقوم ومريء، فهو حلال الأكل، لحصول الموت بفعل ذابح، وعليه للأول مقدار ما نقص بالذبح. وإن ذفف الثاني لا بقطع الحلقوم والمريء، أو لم يذفف أصلاً، ومات بالجرحين فحرام، لأنه في حالة عدم القطع كان الصيد مقدوراً عليه، والمقدور عليه لا يحل إلا بذبحه، وفي الحالة الثانية (عدم التذفيف) فلاجتماع المبيح والمحرم، فيغلب المحرم. ويضمنه الثاني للأول لأنه أفسد ملكه. وهذا كما قال الحنفية سابقاً، وهو مذهب الحنابلة أيضاً فيه وفيما يأتي من مسائل.

<<  <  ج: ص:  >  >>