للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويترتب على التعسف في هذه الحالة ثلاثة أمور: تأديب صاحب الحق المتعسف وتعزيره بما يراه القاضي رادعاً لأمثاله، وبطلان التصرف إذا كان قابلاً للإبطال، وتعويض الضرر من هذا التعسف. ويعرف قصد الضرر بالأدلة والقرائن.

القاعدة الثانية ـ قصد غرض غير مشروع: إذا قصد الشخص من استعمال حقه تحقيق غرض غير مشروع لا يتفق مع المصلحة المقصودة من الحق، وإنما يستتر وراء استعمال الحق المشروع، كاتخاذ عقد الزواج وسيلة لتحليل المطلقة ثلاثاً لزوجها الأول، ولا يقصد به الزواج الدائم، واتخاذ عقد البيع وسيلة للربا أو الفائدة، ومنه بيع العينة: وهو شراء شيء بثمن مؤجل ثم بيعه لنفس البائع الأول بثمن فوري أقل من الثمن الأول، قاصداً به الربا، فذلك كله تعسف حرام، لقوله عليه السلام: «لعن الله المحلل والمحلل له» (١) وقوله: «يأتي على الناس زمان يستحلون الربا بالبيع» (٢) ولنهيه عليه السلام عن بيع العِينة صراحة (٣).

ومنه إسلام الزوجة غير المسلمة بقصد الإرث من زوجها، وهبة المال قبيل الحول بقصد إسقاط الزكاة الواجبة.

وقد أخذت هذه القاعدة من مبدأ (سد الذرائع) وما يتفرغ عنه من بطلان الحيل المحرمة التي يقصد بها إباحة الحرام أو تحريم الحلال أو إسقاط الواجب.


(١) رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه وأبو داود وابن ماجه عن ابن مسعود قال: «لعن رسول الله صلّى الله عليه وسلم المحلّل والمحلَّل له» (نيل الأوطار: ١٣٨/ ٦).
(٢) حديث مرسل، صالح للاعتضاد به بالاتفاق، وله من المسندات مايشهد له، وهي الأحاديث الدالة على تحريم العينة، استدل به الأوزاعي ورواه (نيل الأوطار: ٢٠٧/ ٥).
(٣) رواه أحمد وأبو داود عن ابن عمر بلفظ «إذا ضن الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة واتبعوا أذناب البقر، وتركوا الجهاد في سبيل الله، أنزل الله بهم بلاء، فلا يرفعه حتى يراجعوا دينهم» (نيل الأوطار: ٢٠٦/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>