للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالوقف والإبراء والطلاق واليمين، أم احتاج إلى إرادتين في إنشائه كالبيع والإيجار والتوكيل والرهن، أي أن هذا المعنى يتناول الالتزام مطلقاً، سواء من شخص واحد أو من شخصين، ويشمل حينئذ ما يسمى في المعنى الضيق أو الخاص عقداً، كما يشمل ما يسمى تصرفاً أو التزاماً. فالعقد بالمعنى العام ينتظم جميع الالتزامات الشرعية، وهو بهذا المعنى يرادف كلمة الالتزام.

وأما المعنى الخاص الذي يراد هنا حين الكلام عن نظرية العقد فهو: ارتباط إيجاب بقبول على وجه مشروع يثبت أثره في محله (١). أو بعبارة أخرى: تعلق كلام أحد العاقدين بالآخر شرعاً على وجه يظهر أثره في المحل (٢). وهذا التعريف هو الغالب الشائع في عبارات الفقهاء.

فإذا قال شخص لآخر: بعتك الكتاب، فهو الإيجاب، وقال الآخر: اشتريت، فهو القبول، ومتى ارتبط القبول بالإيجاب، وكانا صادرين من ذوي أهلية معتبرة شرعاً، ثبت أثر البيع في محله (وهو الكتاب هنا): وهو انتقال ملكية المبيع للمشتري، واستحقاق البائع الثمن في ذمة المشتري.

والإيجاب أو القبول: هو الفعل الدال على الرضا بالتعاقد. والتقييد بكونه (على وجه مشروع) لإخراج الارتباط على وجه غير مشروع، كالاتفاق على قتل فلان، أو إتلاف محصوله الزراعي، أو سرقة ماله، أو الزواج بالأقارب المحارم، فكل ذلك غير مشروع لا أثر له في محل العقد. والتقييد بكونه (يثبت أثره في محله) لإخراج الارتباط بين كلامين لا أثر له، كالاتفاق على بيع كل شريك حصته من دار أو أرض لصاحبه بالحصة الأخرى المساوية لها، فهذا لا فائدة منه ولا أثر له.


(١) المادة ١٠٣، ١٠٤ من مجلة الأحكام العدلية، رد المحتار لابن عابدين: ٣٥٥/ ٢، ط الأميرية.
(٢) العناية بهامش فتح القدير: ٧٤/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>