للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل تشترط الفورية في القبول؟ قرر جمهور الفقهاء (الحنفية والمالكية والحنابلة (١)) أنه لا يشترط الفور في القبول، لأن القابل يحتاج إلى فترة للتأمل، فلو اشترطت الفورية لا يمكنه التأمل، وإنما يكفي صدور القبول في مجلس واحد، ولو طال الوقت إلى آخر المجلس؛ لأن المجلس الواحد يجمع المتفرقات للضرورة، وفي اشتراط الفورية تضييق على القابل، أو تفويت للصفقة من غير مصلحة راجحة، فإن رفض فوراً، فتضيع عليه الصفقة، وإن قبل فوراً، فربما كان في العقد ضرر له، فيحتاج لفترة تأمل؛ للموازنة بين ما يأخذ أو يغنم وبين ما يعطي أو يغرم في سبيل العقد، وقدرت فترة التأمل بمدة مجلس العقد؛ لأن المجلس جامع للمتفرقات، فتعتبر ساعة واحدة زمنية تيسيراً على الناس، ومنعاً للمضايقة والحرج، ودفعاً للضرر عن العاقد قدر الإمكان.

وقد أخذ القانون المدني في المادة ٩٥/ ٢ بهذا الرأي، فلم يشترط الفورية فيالقبول، وصرح الأستاذ السنهوري بأن القانون أخذ هذا من الفقه الحنفي (٢).

وقال الرملي من الشافعية (٣): يشترط أن يكون القبول فور الإيجاب، فلو تخلل لفظ أجنبي لا تعلق له بالعقد ولو يسيراً بأن لم يكن من مقتضاه ولا من مصالحه ولا من مستحباته، لا يتحقق الاتصال بين القبول والإيجاب، فلا ينعقد العقد. لكن لو قال المشتري بعد توجيه الإيجاب له: بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، قبلت، أي (الشراء) صح العقد.


(١) البدائع: ٥/ ١٣٧، فتح القدير: ٥/ ٧٨، الشرح الكبير للدردير: ٣/ ٥، الشرح الصغير: ٣حاشية ص١٧، غاية المنتهى: ٢/ ٤، مواهب الجليل للحطاب: ٤/ ٢٤٠، الشرح الكبير مع المغني: ٤/ ٤.
(٢) الوسيط للسنهوري: ص٢١٥.
(٣) نهاية المحتاج: ٣/ ٨، مغني المحتاج: ٢/ ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>