للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رخصت لكم في جلود الميتة، فإذا جاءكم كتابي هذا، فلا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولاعصب» (١) وفي لفظ: «أتانا كتاب رسول االله صلّى الله عليه وسلم قبل وفاته بشهر أو شهرين» وهو ناسخ لما قبله، لأنه في آخر عمر النبي صلّى الله عليه وسلم. وتأول المالكية حديث «أيما إهاب ـ أي جلد ـ دبغ فقد طهر» بأنه في مشهور المذهب محمول على الطهارة اللغوية، لا الشرعية.

ومثل ذلك: إذا ذبح ما لا يؤكل لحمه، يكون جلده نجساً، دبغ أو لم يدبغ.

وقال الحنفية والشافعية (٢): تطهر الجلود النجسة بالموت وغيره، كالمذبوح غير المأكول اللحم بالدباغ، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «أيما إهاب دبغ فقد طهر» (٣) ورواه مسلم بلفظ: «إذا دبغ الإهاب فقد طهر» وهذا هو الراجح لصحة هذا الحديث، ولأن الدبغ يقطع الرطوبات ويزيل النجاسات، ويؤيده حديث البخاري ومسلم عن ابن عباس، قال: «تُصُدِّق على مولاة لميمونة بشاة، فماتت، فمر بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال: هلا أخذتم إهابها فدبغتموه، فانتفعتم به؟ فقالوا: إنها ميتة؟ قال: إنما حرم أكلها».

وفي لفظ، قال: «يُطَهِّرها اماء والقَرَظ» قال النووي في شرح مسلم: يجوز


(١) رواه أحمد وأبو داود عن عبد الله بن عُكيم، وقال أحمد: إسناده جيد، لكن التحقيق أن هذا الحديث ضعيف، لانقطاع سنده واضطراب متنه وسنده، وللإطلاق تارة، والتقييد أخرى فيه بشهر أو بشهرين. وقال الترمذي: إن أحمد ترك أخيراً هذا الحديث، لاضطرابهم في إسناده. وجمع بعضهم بينه وبين الأحاديث الصحيحة في تطهير الدبغ بأنه في الجلود التي لم تدبغ، لأن اسم (الإهاب) خاص بالجلد الذي لم يدبغ.
(٢) البدائع: ٨٥/ ١، مغني المحتاج:٨٢/ ١.
(٣) رواه اثنان من الصحابة: ابن عباس، وابن عمر، الأول رواه النسائي والترمذي وابن ماجه وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. والثاني: رواه الدارقطني، وقال: إسناده حسن (نصب الراية: ١١٥/ ١ وما بعدها).

<<  <  ج: ص:  >  >>