للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن أضاف الوكيل التصرف لنفسه رجعت إليه الحقوق دون الموكل؛ لأنه هو الذي باشر العقد ولا يعرف الطرف الآخر سواه. فإذا كان وكيلاً عن البائع لزمه تسليم المبيع للمشتري، وقبض الثمن. وإذا كان وكيلاً عن المشتري واطلع على عيب المبيع، أو أظهر أن المبيع مستحق لغير البائع، كان هو المكلف بمقاضاة البائع وخصومته، ويلزمه ضمان الثمن للمشتري حال استحقاق المبيع، كما يلزمه دفع الثمن للبائع إذا كان المبيع سليماً من العيوب.

ويستثنى من ذلك ما إذا كان العاقد ليس من أهل لزوم العهدة (أي ليس أهلاً للمسؤولية والتزام الحقوق) إما لنقص أهليته كالصبي المحجور عن التصرف، أو لانشغاله كالقاضي وأمين القاضي، فترجع الحقوق حينئذ للموكل نفسه، لا إلى الوكيل.

هذا هو مذهب الحنفية (١). ويوافقهم المالكية والشافعية (٢) في ذلك أي في أن حقوق العقد تتعلق بالوكيل دون الموكل.

وقال الحنابلة (٣): إن حقوق العقد ترجع للموكل دون الوكيل؛ لأن الوكيل عندهم مجرد سفير ومعبر عن العاقد الأصيل. لكن في هذا الرأي إضاعة للغرض من الوكالة؛ لأن الموكل يوكل غيره في أموره ليخفف عن نفسه عناء مباشرته لها، أو لأنه لا يليق به أن يباشرها، أو لعدم قدرته على القيام بها، فإذا عادت الحقوق للموكل نفسه لم يتحقق له الغرض من الوكالة (٤).


(١) البدائع: ٣٣/ ٦ ومابعدها، تكملة فتح القدير: ١٦/ ٦ ومابعدها، تبيين الحقائق: ٢٥٦/ ٤، رد المحتار: ٤١٩/ ٤، الكتاب مع اللباب: ١٤١/ ٢.
(٢) المدونة الكبرى: ٨٣/ ١٠، ١٨٦، الشرح الصغير: ٥٠٦/ ٣ ومابعدها، نهاية المحتاج: ٤٧/ ٤، مغني المحتاج: ٢٣٠/ ٢.
(٣) كشاف القناع: ٢٣٨/ ٢، المغني: ٩٧/ ٥، مطالب أولي النهي شرح غاية المنتهى: ٤٦٢/ ٣.
(٤) الأموال ونظرية العقد للمرحوم محمد يوسف موسى: ص٣٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>