للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المضامين والملاقيح (١)، وعن بيع ما ليس عند الإنسان (٢)؛ لأن المبيع فيها وقت التعاقد معدوم.

واستثنى هؤلاء الفقهاء من هذه القاعدة العامة في منع التصرف بالمعدوم عقود السلَم والإجارة والمساقاة والاستصناع (٣) مع عدم وجود المحل المعقود عليه حين إنشاء العقد، استحساناً مراعاة لحاجة الناس إليها، وتعارفهم عليها، وإقرار الشرع صحة السلم والإجارة، والمساقاة (٤) ونحوها.

واكتفى المالكية (٥) باشتراط هذا الشرط في المعاوضات المالية، أما في عقود التبرعات كالهبة والوقف والرهن فأجازوا ألا يكون محل العقد موجوداً حين التعاقد، وإنما يكفي أن يكون محتمل الوجود في المستقبل.


(١) المضامين: ما في أصلاب الإبل، والملاقيح: ما في بطون النوق. وهذه البيوع كانت متعارفة في الجاهلية. والحديث رواه عبد الرزاق في مصنفه عن ابن عمر (نصب الراية: ١٠/ ٤).
(٢) رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة، وصححه الترمذي وابن خزيمة والحاكم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ: «لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك». (سبل السلام: ١٦/ ٣).
(٣) السلم: هو بيع آجل بعاجل أي بيع شيء غير موجود بثمن حال، كما يفعل الزراع مع التجار في بيعهم المحصولات الزراعية قبل الحصاد. وقد أجازه الشرع في السنة: «من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم» والإجارة هي عقد على المنافع بعوض. وقد ثبتت مشروعيتها بالقرآن والسنة وإجماع العلماء، والاستصناع: هو الاتفاق على عمل الصانع بأن يصنع شيئاً نظير عوض معين، بخامات من عنده، كما نفعل مع الخياطين والنجارين والحدادين مثلاً. وقد أجيز بالإجماع لحاجة الناس إلى التعامل به في كل زمان ومكان.
(٤) المساقاة: هي تعهد العمل على سقاية وتربية الأشجار بنسبة من الناتج. وقد ثبت تشريعها في السنة. ومثلها المزارعة: هي العمل على استثمار الأراضي الزراعية بنسبة من المحصول.
(٥) القوانين الفقهية: ص ٣٦٧، الشرح الصغير: ٣٠٥/ ٣، ط دار المعارف بمصر. قال ابن رشد في بداية المجتهد: ٣٢٤/ ٢: «ولا خلاف في جواز هبة المجهول والمعدوم المتوقع الوجود، وبالجملة: كل ما لا يصح بيعه في الشرع من جهة الغرر».

<<  <  ج: ص:  >  >>