للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عقد بيع مثلاً إذا كان مشتملاً على جهالة المبيع أو الثمن. ولم يشترطوا هذا الشرط في عقود المعاوضات غير المالية، وفي عقود التبرعات، فأجازوا الزواج المشتمل على غرر قليل لا كثير كأثاث بيت، لا على شيء شارد أو ضائع؛ لأن القصد من المهر هو المودة والألفة فأشبه التبرع فاغتفرت فيه الجهالة اليسيرة، لا الفاحشة؛ لأن في الزواج شبهاً بالمعاوضات، وصححوا التبرع بالمجهول جهالة فاحشة؛ لأن القصد منه الإحسان بالصرف والتوسعة على الناس، ولا يترتب على ذلك نزاع.

والقانون المدني في المادة (١٣٤) اشترط هذا الشرط أيضاً، متجاوزاً عن الجهالة اليسيرة إذا كان المحل غير معين بالذات، أي معيناً بنوعه فقط. فقال فقهاء القانون: يشترط أن يكون الشيء معيناً أو قابلاً للتعيين بشرط بيان طرق التعيين اللاحق. فإذا كان الشيء محل الالتزام مما يعين بذاته وجب أن تكون ذاتيته معروفة. وإذا كان الشيء مما يعيّن بنوعه لزم أن يذكر جنسه ونوعه ومقداره (١). والشرع والقانون وإن اتفقا على هذا الشرط من حيث المبدأ، لكنهما يختلفان في التطبيق، فالشرعيون يوجبون تعيين محل العقد تعييناً تاماً لا يتطرق إليه أي احتمال، وإلا كان العقد فاسداً عند الحنفية باطلاً عند غيرهم، ولا يجيزون كون المحل قابلاً للتعيين، والقانون يكتفي بكون المحل قابلاً للتعيين، وإن لم يكن معيناً وقت التعاقد، كالتعهد بتوريد أغذية معينة النوع لمدرسة أو مشفى.

وأخيرا ً اشترط غير الحنفية (٢) شرطاً خامساً: وهو أن يكون المبيع طاهراً لانجساً ولا متنجساً؛ لأن جواز البيع يتبع الطهارة، فكل ما كان طاهراً أي ما يباح


(١) موجز النظرية العامة للالتزام لأستاذنا الدكتور عبد الحي حجازي: ص ٦٦ ومابعدها.
(٢) مواهب الجليل:٢٥٨/ ٤ ومابعدها، الشرح الكبير: ١٠/ ٣، بداية المجتهد: ١٢٥/ ٢ ومابعدها، القوانين الفقهية: ص ٢٤٦، المهذب: ٢٦١/ ١ ومابعدها، مغني المحتاج: ١١/ ٢، المغني: ٢٥١/ ٤،٢٥٥ وما بعدها، غاية المنتهى: ٦/ ٢ ومابعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>