للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالظروف والقرائن التي تدل على القصد الخبيث كإهداء العدو هدية لقائد الجيش، والإهداء للحكام والموظفين، فذلك مقصود به الرشوة، فتكون للدولة. وهبة المرأة مهرها لزوجها، يقصد به استدامة الزواج، فإن طلقها بعدئذ، كان لها الرجوع فيما وهبت (١).

هذا الاتجاه يأخذ تقريباً بنظرية السبب أو بمذهب الإرادة الباطنة في الفقه اللاتيني، مراعاة للعوامل الأدبية والخلقية والدينية، فإن كان الباعث مشروعاً، فالعقد صحيح، وإن كان غير مشروع فالعقد باطل حرام، لما فيه من الإعانة على الإثم والعدوان، قال الشوكاني (٢): لا خلاف في تحريم بيع العنب لمن يعصره خمراً في حال القصد وتعمد البيع إلى من يتخذه خمراً. وأما مع عدم القصد والتعمد للبيع فذهب جماعة من أهل العلم إلى جوازه مع الكراهة ما لم يعلم أنه يتخذه لذلك.

وبناء عليه قال المالكية والحنابلة ومن وافقهم ببطلان العقود السابقة، وأضاف لها المالكية أنهم لا يجيزون بيع أرض بقصد بناء كنيسة، أو بيع خشب بقصد صنع صليب، أو شراء عبد بقصد أن يكون مغنياً، أو استئجار كراريس فيها عبارات النوح، وبيع ثياب حرير ممن يلبسها (٣).

أما عدم صحة بيع العنب للخمار وبيع السلاح للأعداء ونحوهما فلأنه إعانة على الحرام، أو عقد على شيء لمعصية الله به فلا يصح. وأما فساد زواج المحلل فلأنه يتنافى مع أغراض الزواج السامية: وهو أنه عقد مؤبد قصد به تكوين أسرة


(١) القواعد لابن رجب: ص ٣٢٢.
(٢) تيل الأوطار: ١٥٤/ ٥.
(٣) مواهب الجليل للحطاب: ٢٥٤/ ٤، ط دار الفكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>