للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أن الحنفية فصلوا في الأمر، فقالوا:

بول ما يؤكل لحمه نجس نجاسة مخففة، فتجوز الصلاة معه إذا أصاب المرء ما يبلغ ربع الثوب. وهو رأي الشيخين أبي حنيفة وأبي يوسف.

وأما روث الخيل وخِثْي البقر، فنجس نجاسة مغلظة عند أبي حنيفة مثل غير مأكول اللحم، لأنه صلّى الله عليه وسلم رمى الروثة، وقال: هذا رجس أو ركس. ونجس عند الصاحبين نجاسة مخففة، فلا يمنع صحة الصلاة بالثوب المتنجس به حتى يصبح كثيراً فاحشاً، لأن للاجتهاد فيه مساغاً، ولأن فيه ضرورة لامتلاء الطرق به، ورأي الصاحبين هو الأظهر لعموم البلوى بامتلاء الطرق بها.

والكثير الفاحش: ما يستكثره الناس ويستفحشونه، كأن يبلغ ربع الثوب.

وعلى هذا: يكون بول ما يؤكل لحمه، ورجيع (نجو) الكلب، ورجيع ولعاب سباع البهائم كالفهد والسبع والخنزير، وخرء الدجاج والبط والأوز لنتنه، من النجاسة الغليظة بالاتفاق، ويعفى قدر الدرهم منها.

وبول الفرس، وبول ما يؤكل لحمه، وخرء طير لا يؤكل كالصقر والحدأة في الأصح لعموم الضرورة، من النجاسة الخفيفة، ويعفى منها ما دون ربع الثوب، أو البدن أي ما دون ربع العضو المصاب كاليد والرجل إن كان بدناً. وأما الربع فأكثر فهو كثير فاحش.

وأما خرء الطير المأكول اللحم الذي يذرق (أو يزرق) في الهواء، كالحمام، فهو طاهر عند الحنفية، لعموم البلوى به بسبب امتلاء الطرق والخانات بها.

كما أن الإمام محمد حكم آخراً بطهارة بول ما يؤكل لحمه ومنه الفرس، وقال: لا يمنع الروث وإن فحش، لما رأى من بَلْوى الناس من امتلاء الطرق والخانات بها، لما

<<  <  ج: ص:  >  >>