للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعقود هي الكاملة اللازمة التي لا خيار فيها، ولا يعارض أيضاً آية {تجارة عن تراض} [النساء:٢٩/ ٤]؛ لأن هذا الخيار مشروع للتأكد من تمام التراضي.

٢ - وقال الشافعية والحنابلة المثبتون لخيار المجلس (١): إذا انعقد العقد بتلاقي الإيجاب والقبول يقع العقد جائزاً أي غير لازم، ما دام المتعاقدان في مجلس العقد. ويكون لكل من العاقدين الخيار في فسخ العقد أو إمضائه، ما داما مجتمعين في المجلس لم يتفرقا بأبدانهما، أو يتخايرا. ويحد طبيعة التفرق: العرف الشائع بين الناس في التعامل (٢)، وهذا هو خيار المجلس.

واستدلوا على مشروعيته بالحديث الصحيح الثابت برواية البخاري ومسلم وهو أنه صلّى الله عليه وسلم قال: «البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا، أو يقول أحدهما للآخر: اختر» (٣) أي اختر اللزوم. وأما التفرق فهو أن يتفرقا بأبدانهما، فلو أقاما في ذلك المجلس مدة متطاولة كسنة أو أكثر، أو قاما وتماشيا مسافة، فهما على خيارهما، كما قال النووي. والرجوع في التفرق إلى العادة، فما عده الناس تفرقا فهو تفرق ملزم للعقد، وما لا فلا (٤).


(١) مغني المحتاج: ٤٣/ ٢، ٤٥، المهذب: ٢٥٧/ ١، المغني: ٥٦٣/ ٣، المجموع: ١٩٦/ ٩، ط العاصمة.
(٢) قال الحنابلة والشافعية: يكون التفرق إما بالمشي أو بالصعود أو بالنزول، أو بالخروج من المكان (غاية المنتهى: ٣٠/ ٢، المجموع للنووي: ١٩٢/ ٩).
(٣) سبل السلام: ٣/ ٣٣ ومابعدها. قال ابن رشد المالكي: وهذا حديث إسناده عند الجميع من أوثق الأسانيد وأصحها. وأثبت ابن حزم في المحلى تواتره أي رواية جمع غفير له.
(٤) أخذ على هذا الرأي كونه يزعزع من قوة العقد الملزمة، وهو مبدأ خطير من أهم المبادئ القانونية (مصادر الحق للسنهوري: ٣٧/ ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>