للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣ - الفسخ بسبب الخيار (الفسخ والقوة الملزمة للعقد)]

(٣٨) -. عرفنا سابقاً أن الأصل في العقود اللزوم، فيلزم العقد بالإيجاب والقبول، إلا إذا كان فيه خيار أو كان العقد بطبيعته غير لازم، وحينئذ يجوز فسخ العقد إما لكلا العاقدين برضاهما أو لأحدهما بدون تراض، ففي العقد غير اللازم يثبت خيار الفسخ للعاقدين، وفي العقد المشتمل على الخيار يثبت حق الفسخ لكلا العاقدين في خيار المجلس (١) عند القائلين به وهم الشافعية والحنابلة والإمامية، وكذا في خيار الشرط إن كان مشروطاً للعاقدين، فإن كان مشروطاً لأحدهما انحصر فيه حق الفسخ. ويكون حق الفسخ لأحد العاقدين أيضاً في الخيارات الناجمة عن وجود شائبة أو عيب في رضا أحد المتعاقدين كالغلط والغبن والتغرير والإكراه، وهذا يشمل خيار العيب، وخيار الغبن والتغرير، وخيار تلقي الركبان، وخيار تفرق الصفقة، وخيار الرؤية، وخيار فقد الوصف المشروط في العقد، وفي حال استحقاق (٢) أحد العوضين. وهذا يعني أن صاحب الخيار يقدر على إمضاء العقد أو على حله كيفما شاء دون رضا الآخر، وإن خياره هذا يسقط بالإجازة الصريحة أو الضمنية، أي بكل مايدل على رضاه بإمضاء العقد بعد علمه بزوال سبب الخيار، وإذا أمضاه يصبح بعدئذ لازماً (٣).

(٣٩) -. ووجود هذه الخيارات لا يضعف القوة الملزمة للتعاقد؛ لأن العقد نشأ غير لازم باتفاق إرادتي العاقدين، كما في خيار الشرط ونحوه، أو بحكم الشرع، كما في خيار المجلس، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا، أو يقول


(١) خيار المجلس: هو أن يكون لكل من العاقدين حق فسخ العقد، ما داما في مجلس العقد، لم يتفرقا بأبدانهما، أو يخير أحدهما الآخر، فيختار لزوم العقد.
(٢) الاستحقاق: أن يدعي شخص ملكية شيء، ويثبت ذلك بالبينة، ويقضي القاضي له بملكيته.
(٣) النظرية العامة للموجبات والعقود للدكتور صبحي محمصاني: ٢٨٩/ ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>