للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما للآخر: اختر» (١) أي اختر اللزوم، فهذا الحديث لا يعارض آية الأمر بالوفاء بالعقود؛ لأن المراد بالعقود هي الكاملة اللازمة التي لا خيار فيها، ولا يعارض أيضاً آية {تجارة عن تراض منكم} [النساء:٢٩/ ٤] لأن هذا الخيار مشروع للتأكد من تمام الرضا.

وللعقود غير اللازمة في الفقه الإسلامي نظائر في القوانين الوضعية الحديثة، مثل العقود الزمنية غير المعينة المدة التي يجوز لأحد العاقدين فيها أن يستقل بنقضها بإرادته المنفردة (٢).

والخلاصة: أن الفسخ حق ضعيف، وهو خروج على القاعدة العامة التي تقضي بلزوم العقد، ووجوب الوفاء به.

[٤ - الفسخ للأعذار الطارئة]

يفسخ العقد للعذر أو لحوادث طارئة إذا كان عقد إيجار ونحوه، أو عقد بيع للثمار بسبب الجوائح.

(٤٠) - أجاز فقهاء الحنفية (٣) دون غيرهم فسخ عقد الإجارة وعقد المزارعة بالأعذار الطارئة؛ لأن الحاجة تدعو إلى الفسخ عند العذر؛ لأنه لو لزم


(١) أخرجه أحمد في مسنده ومالك والشيخان وأصحاب السنن إلا ابن ماجه عن حكيم بن حزام، وأثبت ابن حزم تواتره، وقال ابن رشد عنه: وهذا حديث إسناده عند الجميع من أوثق الأسانيد وأصحها. لكن أجاب القرافي في الفروق: (٢٧٠/ ٣ - ٢٧٣) عن هذا الحديث بعشرة أجوبة، منها مخالفته عمل أهل المدينة، وهو مقدم على خبر الواحد - في رأيه ومنها حديث أبي داود والدارقطني: «المتبايعان كل واحد منهما بالخيار، ما لم يفترقا إلا أن يكون صفقة خيار، ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله».
(٢) التعبير عن الإرادة في الفقه الإسلامي للدكتور وحيد سوار: ف ٦١٥، ٦١٨.
(٣) المبسوط: ٢/ ١٦ ومابعدها، البدائع: ١٩٧/ ٤ ومابعدها، تبيين الحقائق: ١٤٥/ ٥ وما بعدها، مختصر الطحاوي: ص ١٣٠، الدر المختار ورد المحتار: ٥٤/ ٥ ومابعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>