للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج ـ عذر راجع للعين المؤجرة أو الشيء المأجور: كأن يستأجر شخص حماماً في قرية ليستغله مدة معلومة، ثم يهاجر أهل القرية، فلا يجب عليه الأجر للمؤجر. ومثل استئجار مرضع لإرضاع طفل، ثم يأبى الصبي لبنها، أو إمساك الثدي، أو تمرض هي، أو يريد أهل الصبي السفر، فامتنعت، كان هذا عذراً في فسخ الإجارة.

وأما إنقاص الثمن بسبب الجوائح (١) في بيع الثمار: فقد قرره فقهاء المالكية والحنابلة (٢)؛ لأن «النبي صلّى الله عليه وسلم وضع الجوائح» أو «أمر بوضع الجوائح» وفي رواية: «إن بعت من أخيك تمراً فأصابتها جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً، بم تأخذ مال أخيك بغير حق» (٣).

ومجمل القول: إن فسخ الإجارة بالأعذار، وإنقاص الثمن بالجوائح في بيع الثمار ونحوهما من الحوادث الطارئة عند فقهاء الإسلام مثل كساد الأوراق النقدية، أو انقطاعها المستوجب لبطلان البيع، تعتبر أمثلة حية لنظرية الظروف الطارئة في الفقه الإسلامي، تطبيقاً لمبدأ العدالة، ومراعاة لما يجب من توفر التعادل والتوازن في الالتزامات وتنفيذها (٤).


(١) الجوائح: ي الآفات التي تصيب الثمار، فتهلكها، مثل البرد والقحط والعطش والعفن وأمراض النباتات والزرع ونحوها من الآفات السماوية.
(٢) بداية المجتهد: ١٨٤/ ٢، القوانين الفقهية: ص ٢٦٢، المنتقى على الموطأ: ٢٣١/ ٤، الشرح الكبير للدردير:، المغني: ١٠٤/ ٤، أعلام الموقعين: ٣٣٧/ ٢ ومابعدها.
(٣) الحديث الأول رواه أحمد والنسائي وأبو داود عن جابر، والأمر بوضع الجوائح رواية مسلم، والرواية الثالثة عند مسلم وأبي داود والنسائي وابن ماجه (نيل الأوطار: ١٧٨/ ٥، موطأ مالك: ١٢٦/ ٣، سنن أبي داود: ٢٤٨/ ٢).
(٤) كتابنا نظرية الضرورة الشرعية: ص ٣٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>